Mukhtasar Sifat Safwa
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
Noocyada
وكان معنا شاب عليه سيماء الصالحين ومنظر الخائفين كان مصفار الوجه من غير مرض اعمش العينين من غير عمش ناحل الجسم من غير سقم يحب الخلوة ويانس بالوحدة تراه ابدا كانه قريب العهد بالمصيبة فخرج الينا فجلسنا إليه فبدا الشاب بالسلام عليه وصافحه فابدى الشيخ له البشر والترحيب ثم سلمنا عليه فقال الشاب ان الله بمنه وفضله قد جعلك طبيبا لسقام القلوب معالجا لاوجاع الذنوب وبي جرح نغل وداء قد استكمل فان رأيت ان تلطف لي ببعض مراهمك وتعالجني برفقك.
فقال له الشيخ سل ما بدا لك يا فتى فقال له الشاب يرحمك الله ما علامة الخوف من الله تعالى قال ان يؤمنه خوفه كل خوف غير خوفه قال متى يتبين للعبد خوفه من الله تعالى قال اذا انزل نفسه من الدنيا منزلة السقيم فهو يحتمي من اكل الطعام مخافة السقام ويصبر على مضض كل دواء مخافة طول الضنى.
فصاح الفتى صيحة ثم بقي باهتا ساعة ثم قال رحمك الله ما علامة المحب لله تعالى فقال له حبيبي ان درجة المحب درجة رفيعة قال وانا احب ان تصفها لي قال فان المحبين لله تعالى شق لهم عن قلوبهم فأبصروا بنور القلوب عز جلال الله فصارت ابدانهم دنياوية وارواحهم حجبية وعقولهم سماوية تسرح بين صفوف الملائكة وتشاهد تلك الامور باليقين فعبدوه بمبلغ استطاعتهم حبا له لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار. فشهق الفتى وصاح صيحة كانت فيها نفسه قال فاكب الشيخ عليه يلثمه ويقول هذا مصرع الخائفين وهذه درجة المجتهدين.
عابدان قال سلامة كنت باليمن في بعض مخاليفها فاذا رجل معه ابن له شاب فقال ان هذا ابي وهو من خير الاباء ولي بقر تاتيني مساء فاحلبها ثم اتي ابي وهو في الصلاة فاحب ان يكون عيالي يشربون فضله فلا ازال قائما عليه والاناء في يدي وهو مقبل على صلاته وعسى ان لا ينفتل ويقبل علي حتى يطلع الفجر.
Bogga 102