Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Baare
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
أَضَافَهُ مِنْ نَسَبِ الْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالنَّصَارَى غَيْرُ سَائِغٍ فِي الْعُقُولِ إِذَا تَأَمَّلَهُ الْمُتَأَمِّلُ، وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا لَكَانَ يَصْطَفِي لِنَفْسِهِ، وَيَجْعَلَ هَذَا الْوَلَدَ الْمُتَّخَذَ مِنَ الْجَوْهَرِ الْأَعْلَى السَّمَاوِيِّ الْمَوْصُوفِ بِالْخُلُوصِ وَالنَّقَاءِ مِنْ عَوَارِضِ الْبَشَرِ، وَالْمَجْبُولِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْبَقَاءِ، لَا مِنْ جَوَاهِرِ هَذَا الْعَالَمِ الْفَانِي الْكَثِيرِ الْأَدْنَاسِ وَالْأَوْسَاخِ وَالْأَقْذَارِ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحِجَاجُ كَمَا تَرَى فِي هَذِهِ الْقُوَّةِ وَالْجَلَالَةِ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: ١٨] .
وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الزمر: ٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المائدة: ٧٥]، وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ دَلِيلَيْنِ بِبُطْلَانِ إِلَهِيَّةَ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ: أَحَدُهُمَا: حَاجَتُهُمَا إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَضَعْفُ بِنْيَتِهِمَا عَنِ الْقِيَامِ بِنَفْسِهَا، بَلْ هِيَ مُحْتَاجَةٌ فِيمَا يُعِينُهُمَا إِلَى الْغِذَاءِ وَالشَّرَابِ، وَالْمُحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ إِلَهًا، إِذْ مِنْ لَوَازِمِ الْإِلَهِ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا.
الثَّانِي: أَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنَ الْإِنْسَانِ مِنَ الْفَضَلَاتِ الْقَذِرَةِ الَّتِي يُسْتَحَى مِنَ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِهَا، وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَبَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهَا بِلَازِمِهَا مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ الَّذِي يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ مِنْهُ إِلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ هَذِهِ الْفَضْلَةِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ أَنْ يَتَّخِذَ صَاحِبَةً وَوَلَدًا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ أَوْ يُمْكِنُ لَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسٍ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ - أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ١٧ - ١٨] سُبْحَانَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ الْبَنَاتِ بِأَنَّ أَحَدَهُمْ لَا يَرْضَى بِالْبَنَاتِ، وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى حَصَلَ لَهُ مِنَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ مَا ظَهَرَ مِنْهُ السَّوَادُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ لَا يَرْضَى بِالْإِنَاثِ بَنَاتًا فَكَيْفَ تَجْعَلُونَهَا لِي؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ [النحل: ٦٢] .
1 / 90