Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Tifaftire
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
الْبَاطِنُ بِالْحَاسَّةِ الْبَاطِنَةِ، وَذَوْقُ الظَّاهِرِ بِالْحَاسَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ فِي مَوْرِدِهِ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ فِي مَوْرِدِهِ.
وَكَذَلِكَ الْحَلَاوَةُ وَالطَّعْمُ هِيَ بِحَسَبِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَحَلَاوَةُ الْإِيمَانِ وَطَعْمُهُ مَعْنَوِيَّانِ، وَحَلَاوَةُ الْعَسَلِ وَطَعْمُهُ حِسِّيَّانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ فِيمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ.
وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ وَيُدَّعَى أَنَّهُ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ الْمَحْمَلِ، إِذْ حَقِيقَتُهُ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ، فَدَعْوَى الْمَجَازِ بَاطِلَةٌ وَإِنِ ادُّعِيَ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى خِلَافِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا، فَبَطَلَتْ دَعْوَى الْمَجَازِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَمَفْهُومَهُ وَحَقِيقَتَهُ لَا يَكُونُ مَجَازًا الْبَتَّةَ، وَهَؤُلَاءِ تَارَةً يَجْعَلُونَهُ مَجَازًا فِيمَا لَا ظَاهِرَ لَهُ غَيْرُ مَعْنَاهُ، فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي اللَّفْظِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَتَارَةً يَجْعَلُونَهُ مَجَازًا فِي خِلَافِ ظَاهِرِهِ وَالْمَفْهُومِ مِنْهُ وَيَعُدُّونَ أَنَّهُ الْمُرَادُ، فَيَكُونُونَ مُخْطِئِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى.
الْوَجْهُ الْخَمْسُونَ: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ، مِنْهُمْ مَنْ أَسْرَفَ فِيهِ وَغَلَا حَتَّى ادَّعَى أَنَّ أَكْثَرَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ بَلْ أَكْثَرَ اللُّغَةِ مَجَازٌ، وَاخْتَارَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إِلَى التَّحْقِيقِ وَالتَّدْقِيقِ، وَلَا تَحْقِيقَ وَلَا تَدْقِيقَ، وَإِنَّمَا هُوَ خُرُوجٌ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَةٌ لِلتَّوْفِيقِ، وَهَؤُلَاءِ إِذَا ادَّعَوْا أَنَّ الْمَجَازَ هُوَ الْغَالِبُ صَارَ هُوَ الْأَصْلَ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: الْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَجَازُ وَالْحَقِيقَةُ تَعَيَّنَتِ الْحَقِيقَةُ، إِذِ الْإِلْحَاقُ بِالْغَالِبِ الْكَثِيرِ أَوْلَى مِنْهُ بِالنَّادِرِ الْأَقَلِّ.
فَإِنَّ الْأَصْلَ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا: مَا مِنْهُ الشَّيْءُ، وَهَذَا أَوْلَى مَعَانِيهِ بِاللُّغَةِ، كَالْخَشَبِ أَصْلُ السَّرِيرِ، وَالْحَدِيدِ أَصْلُ السَّيْفِ، الثَّانِي: دَلِيلُ الشَّيْءِ كَأُصُولِ الْفِقْهِ، أَيْ أَدِلَّتِهِ، الثَّالِثُ: الصُّوَرُ الْمَقِيسُ عَلَيْهَا، وَالْمَقِيسَةُ هِيَ الْفَرْعُ، الرَّابِعُ: الْأَكْثَرُ أَصْلُ الْأَقَلِّ، وَالْغَالِبُ أَصْلُ الْمَغْلُوبِ، وَمِنْهُ أَصْلُ الْحَقِيقَةِ، فَإِذَا كَانَ الْمَجَازُ هُوَ الْأَكْثَرَ الْغَالِبَ بَقِيَ هُوَ الْأَصْلُ، وَحِينَئِذٍ فَطَرْدُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ إِنَّهُ إِذَا وَرَدَ اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ يُحْمَلُ عَلَى مَجَازِهِ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَالْغَالِبُ، وَفِي هَذَا مِنْ فَسَادِ الْعُلُومِ وَالْأَدْيَانِ وَفَسَادِ الْبَيَانِ الَّذِي عَلَّمَهُ الرَّحْمَنُ الْإِنْسَانَ، وَعَدَّهُ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الْإِحْسَانِ وَالِامْتِنَانِ مَا لَا يَخْفَى، إِذْ قَدِ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَبَيَانِ فَسَادِهِ فَنَقُولُ فِي:
[نقل كلام ابن جني في المجاز والرد عليه]
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْخَمْسِينَ: قَالَ ابْنُ جِنِّي: بَابٌ فِي الْمَجَازِ إِذَا كَثُرَ أُلْحِقَ بِالْحَقِيقَةِ:
اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ اللُّغَةِ مَعَ تَأَمُّلِهِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ، وَذَلِكَ عَامَّةُ الْأَفْعَالِ، نَحْوَ: قَامَ زَيْدٌ وَقَعَدَ
1 / 335