292

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Tifaftire

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

لَهَا ثَلَاثُ اعْتِبَارَاتٍ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً بِالْخَالِقِ، كَسَمْعِ اللَّهِ وَبَصَرِهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَاسْتِوَائِهِ، وَنُزُولِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَيَاتِهِ، الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً بِالْمَخْلُوقِ كَيَدِ الْإِنْسَانِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَاسْتِوَائِهِ، الثَّالِثُ: أَنْ تُجَرَّدَ عَنْ كِلَا الْإِضَافَتَيْنِ وَتُوجَدَ مُطْلَقَةً، فَإِثْبَاتُكُمْ لَهَا حَقِيقَةٌ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ، إِذْ لَا رَابِعَ هُنَاكَ، فَإِنْ جَعَلْتُمْ جِهَةَ كَوْنِهَا حَقِيقَةً تَقَيُّدَهَا بِالْخَالِقِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَخْلُوقِ مَجَازًا، وَهَذَا مَذْهَبٌ قَدْ صَارَ إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاشِي وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ جَعَلْتُمْ جِهَةَ كَوْنِهَا حَقِيقَةً تَقَيُّدَهَا بِالْمَخْلُوقِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ فِي الْخَالِقِ مَجَازًا، وَهَذَا مَذْهَبٌ قَدْ صَارَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْمُعَطِّلَةِ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ، وَدَرَجَ أَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِهِ، وَإِنْ جَعَلْتُمْ جِهَةَ كَوْنِهَا حَقِيقَةً الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْقَدْرُ الْمُمَيَّزُ فِي مَوْضِعِهَا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْخَالِقِ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُقَلَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِنْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ وَبَعْضٍ، وَقَعْتُمْ فِي التَّنَاقُضِ وَالتَّحَكُّمِ الْمَحْضِ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ خَصَائِصَ الْإِضَافَاتِ لَا تُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَتُوجِبُ جَعْلَهُ مَجَازًا عِنْدَ إِضَافَتِهِ إِلَى مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ، وَهَذَا مِنْ مَثَارِ أَغْلَاطِ الْقَوْمِ، مِثَالُهُ لَفْظُ الرَّأْسِ، فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ مُضَافًا إِلَى الْإِنْسَانِ وَالطَّائِرِ وَالسَّمَكِ وَالْمَاءِ وَالطَّرِيقِ وَالْإِسْلَامِ وَالْمَالِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ قُيِّدَ بِمُضَافٍ إِلَيْهِ تَعَيَّنَ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْأُمُورِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا، بَلْ هَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ هَذَا الْقَيْدِ، وَمَجْمُوعُ اللَّفْظِ الدَّالِّ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ غَيْرُ مَجْمُوعِ اللَّفْظِ الدَّالِّ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ الْآخَرِ، وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي جُزْءِ اللَّفْظِ كَمَا اشْتَرَكَتِ الْأَسْمَاءُ الْمُعَرَّفَةُ بِاللَّامِ فِيهَا، فَلَمْ تَضَعِ الْعَرَبُ لَفْظَ الرَّأْسِ لِرَأْسِ الْإِنْسَانِ مَثَلًا وَحْدَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ وَضَعُوهُ لِرَأْسِ الطَّائِرِ وَالْمَاءِ وَالْمَالِ وَغَيْرِهَا، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَاهِتًا، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَالْخَطْمِ وَالْفَمِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: ظَهْرُ الْإِنْسَانِ وَبَطْنُهُ، وَظَهْرُ الْأَرْضِ وَبَطْنُهَا، وَظَهْرُ الطَّرِيقِ، وَظَهْرُ الْجَبَلِ، وَخَطْمُ الْجَبَلِ، وَفَمُ الْوَادِي، وَبَطْنُ الْوَادِي، وَذَلِكَ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ، فَالظَّاهِرُ لِمَا ظَهَرَ فَتَبَيَّنَ، وَالْبَاطِنُ لَمَا بَطَنَ فَخَفِيَ، فَالْحِسِّيُّ لِلْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيُّ لِلْمَعْنَوِيِّ وَنِسْبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى مَا يُضَافُ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْآخَرِ إِلَى مَا يُضَافُ إِلَيْهِ، وَالْعَرَبُ لَمْ تَضَعْ فَمَ الْوَادِي وَخَطْمَ الْجَبَلِ وَظَهْرَ الطَّرِيقِ لِغَيْرِ

1 / 309