264

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Tifaftire

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ: وَإِذْ خَلَقَنِي فَلِمَ كَلَّفَنِي السُّجُودَ لِآدَمَ وَقَدْ عَلِمَ أَنِّي أَعْصِيهِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: كَفَى بِكَ جَهْلًا وَلُؤْمًا أَنْ سَمَّيْتَ أَمْرَهُ وَطَاعَتَهُ الَّتِي هِيَ قُرَّةُ الْعُيُونِ وَحَيَاةُ النُّفُوسِ تَكْلِيفًا، وَالتَّكْلِيفُ إِلْزَامُ الْغَيْرِ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَكْرَهُهُ وَلَا يُحِبُّهُ: كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: لَا أَفْعَلُ هَذَا إِلَّا تَكَلُّفًا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ كَامِنًا فِي قَلْبِكَ ظَهَرَ أَثَرُهُ فِي امْتِنَاعِكَ مِنَ الطَّاعَةِ.
وَلَوْ عَلِمْتَ أَنَّ أَمْرَهُ سُبْحَانَهُ هُوَ غَايَةُ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ وَسَعَادَتِهِ، وَفَلَاحِهِ وَكَمَالِهِ لَمْ تَقُلْ: إِنَّهُ كَلَّفَكَ بِالسُّجُودِ، وَلَعَلِمْتَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَصْلَحَتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَسَعَادَتَكَ الْأَبَدِيَّةَ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى أَوَامِرَهُ عُهُودًا وَوَصَايَا، وَرَحْمَةً وَشِفَاءً وَنُورًا وَهُدًى وَحَيَاةً، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] فَتَأَمَّلِ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْخِطَابِ وَبَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ إِنَّهُ دَعَاهُمْ بِأَمْرِهِ إِلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطِيقُونَهُ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لَا لِحِكْمَةٍ وَلَا لِمَصْلَحَةٍ وَلَا لِصِفَةٍ حَسَنَةٍ فِي الْأَمْرِ تَقْتَضِي دُعَاءَهُمْ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَأْمُرْكَ حَاجَةً مِنْهُ إِلَيْكَ، وَلَا عَبَثًا وَلَا سُدًى، وَكَأَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْ أَنَّ أَوَامِرَهُ رَحْمَةٌ وَنِعْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ، وَنَوَاهِيَهُ حِمَايَةٌ وَصِيَانَةٌ وَحِفْظٌ، وَهَلْ وُفِّقَ لِلصَّوَابِ مَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِأَمْرٍ يُنَفِّذُهُ فَقَالَ لَهُ: لِمَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ، وَهَلَّا تَرَكْتَنِي وَلَمْ تَأْمُرْنِي؟ فَمَنْ أَضَلُّ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ سَبِيلًا؟ .
الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا كَانَ يَعْلَمُ مِنْكَ مِنَ الْخَبَثِ وَالشَّرِّ الْكَامِنِ فِي نَفْسِكَ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَكَانَ مُوجِبًا لِمَقْتِهِ لَكَ وَلَمْ يَكُنْ يَجْرِي عَلَيْكَ مَا تَسْتَحِقُّهُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ السَّابِقِ قَبْلُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تُظْهِرَ الْمَلَائِكَةُ مَا يُحْمَدُ بِهِ وَيُثْنَى عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ بِهِ إِذَا طَرَدَكَ عَنْ قُرْبِهِ، وَأَخْرَجَكَ مِنْ جَنَّتِهِ، فَأَمَرَكَ بِأَمْرِهِ، فَخَرَجَ مِنْكَ الدَّاءُ الدَّفِينُ

1 / 279