251

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Tifaftire

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

وَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ «الَّذِينَ يُدْلُونَ عَلَى اللَّهِ بِالْحُجَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْمَعْتُوهُ، وَالْأَصَمُّ وَالْمُتَوَفَّى فِي الْفَتْرَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُؤَجِّجُ لَهُمْ نَارًا وَيَقُولُ: اقْتَحِمُوهَا، فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنِ امْتَنَعَ جُرَّ إِلَيْهَا» .
فَهَؤُلَاءِ لَمَّا آثَرُوا مَرْضَاتَهُ بِالْعَذَابِ عَلَى مَرْضَاةِ أَنْفُسِهِمْ وَقَامَ بِقُلُوبِهِمْ أَنَّ رِضَاهُ فِي تَعْذِيبِهِمْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ رِضَاهُمْ فِي خِلَافِهِ اسْتَحَالَتِ النَّارُ فِي حَقِّهِمْ وَانْقَلَبَتْ بَرْدًا وَسَلَامًا وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي الْوَاقِعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ فِي اقْتِضَاءِ التَّوْبَةِ بِدَفْعِهَا فَإِنَّ الْمُذْنِبَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُهُ عَنَانَ السَّمَاءِ إِذْ أَلْقَى نَفْسَهُ بِفِنَاءِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ وَتَوَسَّدَ عَتَبَةَ بَابِهِ فَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَيْهَا مُسْتَسْلِمًا مُسَلِّمًا نَفْسَهُ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَ فِيهَا مَا أَرَادَ رَاضِيًا بِمَا يَقْضِيهِ فِيهِ حَامِدًا لَهُ عَلَيْهِ عَالِمًا أَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَقَدْ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَحَلَّ الْحَقِّ يَسْتَوْفِيهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَتَى فَعَلَ ذَلِكَ أَذْهَبَ مَا فِي قَلْبِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ، وَعَادَ مَكَانَ الْغَضَبِ عَلَيْهِ رِقَّةٌ وَرَحْمَةٌ، هَذَا مَعَ حَاجَتِهِ وَبُلُوغِ أَذَاهُ، وَوُصُولِهِ إِلَيْهِ، وَقِلَّةِ صَبْرِهِ، وَضَعْفِ احْتِمَالِهِ، فَكَيْفَ بِالْغَنِيِّ الْحَمِيدِ الَّذِي لَنْ يَبْلُغَ الْعِبَادُ ضُرَّهُ وَلَا نَفْعَهُ، فَلَا تَزِيدُ عُقُوبَتُهُمْ فِي مُلْكِهِ شَيْئًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
فَهَذَا الْقَدْرُ مَنْ وَجَدَهُ فِي قَلْبِهِ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَدْخُلْ دَارَ الشَّقَاءِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَمَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ هَذَا فِي الدُّنْيَا سَيَعْلَمُهُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ﴾ [الملك: ١١] وَقَالَ: ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ﴾ [القصص: ٧٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [غافر: ١١] .
فَلَا شَيْءَ أَنْفَعُ لَهُمْ فِي عَذَابِهِ مِنْ حَمْدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَمَحَبَّتِهِ عَلَى كَمَالِ عَدْلِهِ فِيهِمْ، وَقَوْلِهِمْ: إِنْ كَانَ هَذَا رِضَاكَ فَلَا نَطْلُبُ غَيْرَهُ، وَيَشْتَدُّ غَضَبُهُمْ عَلَى نُفُوسِهِمْ وَمَقْتُهُمْ لَهَا مُوَافَقَةً لِغَضَبِ رَبِّهِمْ وَمَوْلَاهُمْ، وَلَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ اللَّئِيمَةُ الْجَاهِلَةُ الظَّالِمَةُ اخْتِيَارًا فَإِذَا عُوقِبَتْ بِمَا تَسْتَحِقُّ وَبَلَغَ مِنْهَا الْعَذَابُ مَبْلَغَهُ وَكَسَرَهَا وَأَذَلَّهَا، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا خَيْرًا أَشْهَدَهَا ذَلِكَ وَجَعَلَهُ حَاضِرًا

1 / 266