Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Tifaftire
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
وَمِنَ الْمَعْلُومِ عَقْلًا وَشَرْعًا وَفِطْرَةً أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ عَلَى عَبْدِهِ غَايَةَ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَالْعُبُودِيَّةِ الَّتِي تَصِلُ إِلَيْهَا قُدْرَتُهُ، وَكُلُّ مَا يُنَافِي التَّعْظِيمَ وَالْإِجْلَالَ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا يُنَاسِبُهُ، وَالشِّرْكُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالْغَفْلَةُ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَتَرْكُ بَذْلِ الْجُهْدِ وَالنَّصِيحَةِ فِي الْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَتَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ، وَالْتِفَاتُهُ إِلَى مَا سِوَاهُ، وَمُنَازَعَةُ مَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَرُؤْيَةُ النَّفْسِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، وَرُؤْيَةُ الْمِلَّةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَنْسَلِخُ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كُلُّ ذَلِكَ يُنَافِي التَّعْظِيمَ وَالْإِجْلَالَ، فَلَوْ وَضَعَ سُبْحَانَهُ الْعَدْلَ عَلَى الْعِبَادِ لَعَذَّبَهُمْ بِعَدْلِهِ فِيهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ تَوْبَةُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ وَاعْتِرَافُهُ بِهِ، وَقَبُولُ التَّوْبَةِ مَحْضُ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَإِلَّا فَلَوْ عَذَّبَ عَبْدَهُ عَلَى جِنَايَتِهِ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا وَلَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ تَابَ مِنْهَا، لَكِنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ أَلَّا يُعَذِّبَ مَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ وَاعْتَرَفَ بِهِ رَحْمَةً وَإِحْسَانًا، وَقَدْ كَتَبَ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، فَلَا يَسَعُ الْخَالِقُ إِلَّا رَحْمَتَهُ وَعَفْوَهُ، وَلَا يَبْلُغُ عَمَلُ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْجُوَ بِهِ مِنَ النَّارِ أَوْ يَدْخُلَ بِهِ الْجَنَّةَ، كَمَا قَالَ أَطْوَعُ الْخَلْقِ لِرَبِّهِ، وَأَفْضَلُهُمْ عَمَلًا وَأَشَدُّهُمْ تَعْظِيمًا لَهُ: " «لَنْ يُنَجَيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ " قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ» ".
وَكَانَ ﷺ أَكْمَلُ الْخَلْقِ اسْتِغْفَارًا، وَكَانُوا يَعُدُّونَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: " «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» "، وَكَانَ يَقُولُ: " «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَفِي لَفْظٍ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةٍ»، وَكَانَ «إِذَا سَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا»، وَكَانَ «يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي» "، وَكَانَ «يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جَدِّي وَهَزْلِي،
1 / 247