Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Baare
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
بَنِي آدَمَ، فَلِمَ إِذِ اسْتَمْهَلْتُهُ أَمْهَلَنِي فَقُلْتُ ﴿فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الحجر: ٣٦] فَقَالَ ﴿فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ - إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: ٣٧ - ٣٨] وَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَوْ أَهْلَكَنِي فِي الْحَالِ اسْتَرَاحَ الْخَلْقُ مِنِّي، وَمَا بَقِيَ شَرٌّ فِي الْعَالَمِ؟ أَلَيْسَ بَقَاءُ الْعَالَمِ عَلَى نِظَامِ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ امْتِزَاجِهِ بِالشَّرِّ؟ قَالَ: فَهَذِهِ حُجَّتِي عَلَى مَا ادَّعَيْتُهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ.
قَالَ شَارِحُ الْإِنْجِيلِ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّكَ فِي مَسْأَلَتِكَ الْأُولَى: إِنِّي إِلَهُكَ وَإِلَهُ الْخَلْقِ غَيْرُ صَادِقٍ وَلَا مُخْلِصٍ، إِذْ لَوْ صَدَّقْتَ أَنِّي رَبُّ الْعَالَمِينَ مَا احْتَكَمْتَ عَلَيَّ بِلِمَ، فَأَنَا اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ، وَالْخَلْقُ مَسْئُولُونَ، قَالَ: هَذَا مَذْكُورٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ، مَسْطُورٌ فِي الْإِنْجِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، وَكُنْتُ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ أَتَفَكَّرُ وَأَقُولُ: مِنَ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ لِبَنِي آدَمَ فَإِنَّمَا وَقَعَتْ مِنْ إِضْلَالِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ، وَنَشَأَتْ مِنْ شُبُهَاتِهِ، وَإِذَا كَانَتِ الشُّبُهَاتُ مَحْصُورَةً فِي سَبْعِ عَادَتٍ كِبَارُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ إِلَى سَبْعٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعْدُوَهَا شُبْهَةُ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْكُفْرِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ وَتَبَايَنَتِ الطُّرُقُ فَإِنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنْوَاعِ الضَّلَالَاتِ كَالْبَذْرِ تَرْجِعُ جُمْلَتُهَا إِلَى إِنْكَارِ الْأَمْرِ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِالْخَلْقِ، وَإِلَى الْجُنُوحِ إِلَى الْهَوَى وَالرَّأْيِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، وَالَّذِينَ جَادَلُوا هُودًا، وَنُوحًا، وَصَالِحًا، وَإِبْرَاهِيمَ، وَلُوطًا، وَشُعَيْبًا، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، كُلُّهُمْ نَسَجُوا عَلَى مِنْوَالِ اللَّعِينِ الْأَوَّلِ فِي إِظْهَارِ شُبُهَاتِهِمْ، وَحَاصِلُهَا يَرْجِعُ إِلَى رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَجَحْدِ أَصْحَابِ التَّكَالِيفِ وَالشَّرَائِعِ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ نَشَأَ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ: ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ [التغابن: ٦] وَبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾ [الإسراء: ٦١]، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٤]، فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا قَالَ الْمُتَقَدِّمُ: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: ٥٢]، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَقَّبْنَا أَقْوَالَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ وَجَدْنَاهَا مُطَابِقَةً لِأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [البقرة: ١١٨] ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ [الأعراف: ١٠١]، فَاللَّعِينُ الْأَوَّلُ لَمَّا حَكَّمَ الْعَقْلَ
1 / 220