Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Baare
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
ثُمَّ يُقَالُ: إِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ دَلَّ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَظَاهِرُهَا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ بَطَلَ نَفْيُكُمْ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهَا بَطَلَ التَّفْرِيقُ بِهِ.
ثُمَّ يُقَالُ: خُصُومُكُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى ثُبُوتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ قَبْلَهُمْ، قِيلَ: صَدَقْتُمْ وَاللَّهِ، وَالَّذِينَ أَجْمَعُوا قَبْلَهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ أَجْمَعُوا عَلَى إِثْبَاتِ سَائِرِ الصِّفَاتِ وَلَمْ يَخُصُّوهَا بِسَبْعٍ، بَلْ تَخْصِيصُهَا بِالسَّبْعِ خِلَافُ قَوْلِ السَّلَفِ، وَقَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، فَالنَّاسُ كَانُوا طَائِفَتَيْنِ: سَلَفِيَّةٍ وَجَهْمِيَّةٍ، فَحَدَثَتِ الطَّائِفَةُ السَّبْعِيَّةُ وَاشْتَقَّتْ قَوْلًا بَيْنَ قَوْلَيْنِ، فَلَا لِلسَّلَفِ اتَّبَعُوا وَلَا مَعَ الْجَهْمِيَّةِ بَقُوا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرُهُ جَوَارِحَ وَأَبْعَاضًا، كَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْكَلَامِ لَا يَتَأَوَّلُ، وَمَا كَانَ ظَاهِرُهُ جَوَارِحَ وَأَبْعَاضًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ لِاسْتِلْزَامِ إِثْبَاتِهِ التَّرْكِيبَ وَالتَّجْسِيمَ.
قَالَ الْمُثْبِتُونَ: جَوَابُنَا لَكُمْ هُوَ عَيْنُ الَّذِي تُجِيبُونَ بِهِ خُصُومَكُمْ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ، فَهُمْ قَالُوا لَكُمْ: لَوْ قَامَ بِهِ سُبْحَانَهُ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحَيَاةِ لَكَانَ مَحَلًّا لِلْأَعْرَاضِ وَلَزِمَ التَّرْكِيبَ وَالتَّجْسِيمَ وَالِانْقِسَامَ، كَمَا قُلْتُمْ: لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَيَدٌ وَإِصْبَعٌ لَزِمَ التَّرْكِيبَ وَالِانْقِسَامَ وَحِينَئِذٍ فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ لِهَؤُلَاءِ نُجِيبُكُمْ بِهِ؟
فَإِنْ قُلْتُمْ: نَحْنُ نُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَكُونُ أَعْرَاضًا وَلَا نُسَمِّيهَا أَعْرَاضًا فَلَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكِيبًا وَلَا تَجْسِيمًا.
قِيلَ لَكُمْ: وَنَحْنُ نُثْبِتُ الصِّفَاتِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَنَفَيْتُمُوهَا أَنْتُمْ عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَبْعَاضَ وَالْجَوَارِحَ وَلَا يُسَمَّى الْمُتَّصِفُ بِهَا مُرَكَّبًا وَلَا جِسْمًا وَلَا مُنْقَسِمًا.
فَإِنْ قُلْتُمْ: هَذَا لَا يُعْقَلُ مِنْهَا إِلَّا الْأَجْزَاءُ وَالْأَبْعَاضُ، قُلْنَا لَكُمْ: وَتِلْكَ لَا يُعْقَلُ مِنْهَا إِلَّا الْأَعْرَاضُ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: الْعَرَضُ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ، وَصِفَاتُ الرَّبِّ تَعَالَى بَاقِيَةٌ دَائِمًا أَبَدِيَّةٌ فَلَيْسَتْ أَعْرَاضًا، قُلْنَا: وَكَذَلِكَ الْأَبْعَاضُ هِيَ مَا جَازَ مُفَارَقَتُهَا وَانْفِصَالُهَا، وَذَلِكَ فِي حَقِّ الرَّبِّ تَعَالَى مُحَالٌ، فَلَيْسَتْ أَبْعَاضًا وَلَا جَوَارِحَ، فَمُفَارَقَةُ الصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا مُسْتَحِيلٌ مُطْلَقًا فِي نَوْعَيْنِ، وَالْمَخْلُوقُ يَجُوزُ أَنْ تُفَارِقَهُ أَبْعَاضُهُ وَأَعْرَاضُهُ.
1 / 31