Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Tifaftire
سيد إبراهيم
Daabacaha
دار الحديث
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة - مصر
Noocyada
الْمِلَّةَ الْآتِيَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُرَامُ بِهَا خِطَابُ الْجُمْهُورِ كَافَّةً، ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ الْوَاضِحِ أَنَّ التَّحْقِيقَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُرْجَعَ إِلَيْهِ فِي صِحَّةِ التَّوْحِيدِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالصَّانِعِ مُوَحَّدًا مُقَدَّسًا عَنِ الْكَمِّ وَالْكَيْفِ وَالْأَيْنِ وَمَتَى وَالْوَضْعِ وَالتَّغْيِيرِ، حَتَّى يَصِيرَ الِاعْتِقَادُ بِهِ أَنَّهُ ذَاتٌ وَاحِدَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا شَرِيكٌ فِي النَّوْعِ، أَوْ يَكُونَ جُزْءٌ وُجُودِيٌّ كَمِّيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ خَارِجَةً عَنِ الْعَالِمِ وَلَا دَاخِلَةً فِيهِ، وَلَا حَيْثُ تَصِحُّ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا بِأَنَّهَا هُنَا أَوْ هُنَاكَ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ إِلْقَاؤُهُ إِلَى الْجُمْهُورِ، وَلَوْ أَلْقَى هَذَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إِلَى الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ وَالْعِبْرَانِيِّينَ الْأَجْلَافِ لَسَارَعُوا إِلَى الْعِنَادِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ الْمَدْعُوَّ إِلَيْهِ إِيمَانٌ بِمَعْدُومٍ لَا وُجُودَ لَهُ أَصْلًا، وَلِهَذَا وَرَدَ مَا فِي التَّوْرَاةِ تَشْبِيهًا كُلَّهُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْفُرْقَانِ مِنَ الْإِشَارَاتِ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ الْأَهَمِّ شَيْءٌ، وَلَا إِلَى تَصْرِيحِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي التَّوْحِيدِ بَيَانٌ مُفَصَّلٌ، بَلْ أَتَى بَعْضُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ فِي الظَّاهِرِ، وَبَعْضُهُ جَاءَ تَنْزِيهًا مُطْلَقًا عَامًّا جِدًّا لَا تَخْصِيصَ وَلَا تَفْسِيرَ لَهُ، وَأَمَّا الْآحَادُ التَّشْبِيهِيَّةُ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَلَكِنْ أَبَى الْقَوْمُ إِلَّا أَنْ يَقْبَلُوهَا.
فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي التَّوْحِيدِ هَذَا فَكَيْفَ بِمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأُمُورِ الِاعْتِقَادِيَّةِ؟ .
وَلِبَعْضِ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ لِلْعَرَبِ تَوَسُّعًا فِي الْكَلَامِ وَمَجَازًا، وَإِنَّ الْأَلْفَاظَ التَّشْبِيهِيَّةَ مِثْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْإِتْيَانِ فِي ظِلِّ الْغَمَامِ، وَالْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ وَالضَّحِكِ وَالْحَيَاءِ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ مُسْتَعْمَلَةٌ اسْتِعَارَةً وَمَجَازًا، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا غَيْرَ مَجَازِيَّةٍ وَلَا مُسْتَعَارَةٍ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُورِدُونَهَا حُجَّةً فِي أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ بِالِاسْتِعَارَاتِ وَالْمَجَازِ عَلَى غَيْرِ مَعَانِيهَا الظَّاهِرَةِ مَوَاضِعَ مِثْلَهَا يَصْلُحُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ تَلْبِيسٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي: ﴿فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠]، وَقَوْلُهُ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] عَلَى الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ فَلَيْسَ تَذْهَبُ الْأَوْهَامُ فِيهِ الْبَتَّةَ إِلَى أَنَّ الْعِبَارَةَ مُسْتَعَارَةٌ أَوْ مَجَازِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ أُرِيدَ فِيهَا ذَلِكَ إِضْمَارًا فَقَدْ رَضِيَ بِوُقُوعِ الْغَلَطِ وَالتَّشْبِيهِ وَالِاعْتِقَادِ الْمُعْوَجِّ بِالْإِيمَانِ بِظَاهِرِهِ تَصْرِيحًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠]، وَقَوْلُهُ: ﴿مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٦]
1 / 182