165

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Baare

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

الْكَرِيمِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ؟ وَإِذَا كَانَتِ السَّمَاوَاتُ مَعَ سَعَتِهَا وَعَظَمَتِهَا يَجْعَلُهَا عَلَى إِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَالْأَرْضُ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْبِحَارُ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالُ عَلَى إِصْبَعٍ، فَمَا الظَّنُّ بِالْيَدِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ؟ وَإِذَا كَانَ يَسْمَعُ ضَجِيجَ الْأَصْوَاتِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ عَلَى تَفَنُّنِ الْحَاجَاتِ بِأَقْطَارِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، فَلَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ وَلَا تَخْتَلِطُ عَلَيْهِ وَلَا يَغْلَطُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، وَيَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ تَحْتَ أَطْبَاقِ الْأَرْضِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّهُ الْقُلُوبُ وَأَخْفَى مِنْهُ، وَهُوَ مَا لَمْ يَخْطُرْ لَهَا أَنَّهُ سَيَخْطُرُ لَهَا، وَلَوْ كَانَ الْبَحْرُ الْمُحِيطُ بِالْعَالَمِ مِدَادًا وَيُحِيطُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ كُلُّهَا مِدَادٌ، وَجَمِيعُ أَشْجَارِ الْأَرْضِ، وَهُوَ كُلُّ نَبْتٍ قَامَ عَلَى سَاقِهِ مِمَّا يُحْصَدُ وَمِمَّا لَا يُحْصَدُ، أَقْلَامٌ يُكْتَبُ بِهَا، لَنَفِدَتِ الْأَقْلَامُ وَالْبِحَارُ وَلَمْ يَنْفَدْ كَلَامُهُ. وَهَذَا وَغَيْرُهُ بَعْضُ مَا تَعَرَّفَ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ مِنْ كَمَالِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ قَطُّ أَنْ يُحْصِيَ ثَنَاءً عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، فَكُلُّ الثَّنَاءِ وَكُلُّ الْحَمْدِ وَكُلُّ الْمَجْدِ، وَكُلُّ الْكَمَالِ لَهُ سُبْحَانَهُ، هُوَ الَّذِي وَصَلَتْ إِلَيْهِ عُقُولُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ وَتَلَقَّوْهُ عَنِ الرُّسُلِ وَلَا يَحْتَاجُونَ فِي ثُبُوتِ عِلْمِهِمْ وَجَزْمِهِمْ بِذَلِكَ إِلَى الْجَوَابِ عَنِ الشُّبَهِ الْقَادِحَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَقْدَحْ فِيمَا عَلِمُوهُ وَعَرَفُوهُ ضَرُورَةً مِنْ كَوْنِ رَبِّهِمْ ﵎ كَذَلِكَ وَفَوْقَ ذَلِكَ. [إفحام من ينكر الصفات] فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا الَّذِي عَلِمْتُمُوهُ لَا يَثْبُتُ لَا بِالْجَوَابِ عَمَّا عَارَضَهُ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ، قَالُوا لِقَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: هَذَا كَذِبٌ وَبَهْتٌ، فَإِنَّ الْأُمُورَ الْحِسِّيَّةَ وَالْعَقْلِيَّةَ وَالْيَقِينِيَّةَ قَدْ وَقَعَ فِيهَا شُبَهَاتٌ كَثِيرَةٌ تُعَارِضِ مَا عُلِمَ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ عِلْمُنَا بِذَلِكَ عَلَى الْجَوَابِ عَنْهَا وَحَلِّهَا لَمْ يَثْبُتْ لَنَا وَلَا لِأَحَدٍ عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَلَا نِهَايَةَ لِمَا تَقْذِفُ بِهِ النُّفُوسُ مِنَ الشُّبَهِ الْخَيَالِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الْوَسَاوِسِ وَالْخَطَرَاتِ وَالْخَيَالَاتِ الَّتِي لَا تَزَالُ تَحْدُثُ فِي النُّفُوسِ شَيْئًا فَشَيْئًا، بَلْ إِذَا جَزَمْنَا بِثُبُوتِ الشَّيْءِ جَزَمْنَا بِبُطْلَانِ مَا يُنَاقِضُ ثُبُوتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَا يُقَدَّرُ مِنَ الشُّبَهِ الْخَيَالِيَّةِ عَلَى نَقِيضِهِ مَانِعًا مِنْ جَزْمِنَا بِهِ، وَلَوْ كَانَتِ الشُّبْهَةُ مَا كَانَتْ، فَمَا مِنْ مَوْجُودٍ يُدْرِكُهُ الْحِسُّ إِلَّا وَيُمْكِنُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُقِيمَ عَلَى عَدَمِهِ شُبُهًا كَثِيرَةً يَعْجِزُ السَّامِعُ عَنْ حَلِّهَا، وَلَوْ شِئْنَا لَذَكَرْنَا لَكَ طَرَفًا مِنْهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَقْوَى مِنْ شُبَهِ الْجَهْمِيَّةِ النُّفَاةِ لِعُلُوِّ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ وَكَلَامِهِ وَصِفَاتِهِ. وَقَدْ رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ مَا أَقَامَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الشُّبَهِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ تَتَبَدَّلُ

1 / 180