160

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Baare

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوَائِلُ الْأُمَّةِ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يُفَارِقُوهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ كَانُوا لِلنُّصُوصِ مُعَظِّمِينَ وَبِهَا مُسْتَدِلِّينَ، وَلَهَا عَلَى الْآرَاءِ وَالْعُقُولِ مُقَدِّمِينَ، وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ عِنْدَهُ عَقْلِيَّاتٍ تُعَارِضُ الْوَحْيَ وَالنُّصُوصَ، وَإِنَّمَا أَتَوْا مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ فِيهَا، فَصَاحَ بِهِمْ مَنْ أَدْرَكَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ، وَرَمَوْهُمْ بِالْعَظَائِمِ، وَتَبَرَّءُوا مِنْهُمْ وَحَذَّرُوا مِنْ سَبِيلِهِمْ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ، وَكَانُوا لَا يَرَوْنَ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ وَمُجَالَسَتَهُمْ. [الجهمية أول من عارض الوحي بالرأي] وَلَمَّا كَثُرَتِ الْجَهْمِيَّةُ فِي آخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ كَانُوا هُمْ أَوَّلَ مَنْ عَارَضَ الْوَحْيَ بِالرَّأْيِ، وَمَعَ هَذَا فَكَانُوا قَلِيلِينَ أَذِلَّاءَ مَذْمُومِينَ، وَأَوَّلُهُمْ شَيْخُهُمُ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ وَإِنَّمَا نَفَقَ عِنْدَ النَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ مُعَلِّمَ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَهُ وَلِهَذَا يُسَمَّى مَرْوَانُ الْجَعْدِ، وَعَلَى رَأْسِهِ سَلْبَ اللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ الْمُلْكَ وَالْخِلَافَةَ، وَشَتَّتَهُمْ فِي الْبِلَادِ، وَمَزَّقَهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بِبَرَكَةِ شَيْخِ الْمُعَطِّلَةِ النُّفَاةِ. وَلَمَّا اشْتَهَرَ أَمْرُهُ فِي الْمُسْلِمِينَ طَلَبَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْعِرَاقِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ فَخَطَبَ النَّاسَ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى، وَكَانَ آخِرُ مَا قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، ضَحُّوا، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا وَلَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا، ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، وَكَانَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ طُفِئَتْ تِلْكَ الْبِدْعَةُ، وَالنَّاسُ إِذْ ذَاكَ عُنُقٌ وَاحِدٌ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلَالَةِ، وَأَنَّهُ كَلَّمَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكًّا هَشِيمًا، إِلَى أَنْ جَاءَ أَوَّلُ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ وَوَلِيَ عَلَى النَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ الْمَأْمُورُ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ عَامِرًا بِأَنْوَاعٍ بِالْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعُلُومِ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ الْمَعْقُولَاتِ، فَأَمَرَ بِتَعْرِيبِ كُتُبِ يُونَانَ، وَأَقْدَمَ لَهَا الْمُتَرْجِمِينَ مِنَ الْبِلَادِ، فَتُرْجِمَتْ لَهُ وَعُبِّرَتْ،

1 / 175