12

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Baare

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

وَأَمَّا قَوْلُكَ: الْعَرْشُ لَهُ سَبْعَةُ مَعَانٍ وَنَحْوُهُ، وَالِاسْتِوَاءُ لَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ فَتَلْبِيسٌ مِنْكَ عَلَى الْجُهَّالِ وَكَذِبٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِعَرْشِ الرَّحْمَنِ الَّذِي اسْتَوَى عَلَيْهِ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ لِلْعَرْشِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ عِدَّةُ مَعَانٍ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ قَدْ صَارَ بِهَا فِي الْعَرْشِ مُعَيَّنًا وَهُوَ عَرْشُ الرَّبِّ تَعَالَى، الَّذِي هُوَ سَرِيرُ مُلْكِهِ الَّذِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ وَأَقَرَّتْ بِهِ الْأُمَمُ إِلَّا مَنْ نَابَذَ الرُّسُلَ. وَقَوْلُكَ: الِاسْتِوَاءُ لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ تَلْبِيسٌ آخَرُ مِنْكَ، فَإِنَّ الِاسْتِوَاءَ الْمُعَدَّى بِأَدَاةِ " عَلَى " لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ الْمُطْلَقُ فَلَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: اسْتَوَى كَذَا: انْتَهَى وَكَمَلَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ [القصص: ١٤] وَتَقُولُ: اسْتَوَى وَكَذَا إِذَا سَاوَاهُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: اسْتَوَى الْمَاءُ وَالْخَشَبَةُ وَاسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَتَقُولُ: اسْتَوَى إِلَى كَذَا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ عُلُوًّا وَارْتِفَاعًا نَحْوَ اسْتَوَى إِلَى السَّطْحِ وَالْجَبَلِ وَاسْتَوَى عَلَى كَذَا أَيِ ارْتَفَعَ عَلَيْهِ وَعَلَا عَلَيْهِ، وَلَا تَعْرِفُ الْعَرَبُ غَيْرَ هَذَا، فَالِاسْتِوَاءُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ نَصٌّ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَعْنَاهُ كَمَا هُوَ نَصٌّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ [القصص: ١٤] لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَعْنَاهُ، وَنَصٌّ فِي قَوْلِهِمْ: اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي مَعْنَاهُ وَلَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ. السَّادِسُ: اللَّفْظُ الَّذِي اطَّرَدَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ وَلَمْ يُعْهَدِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الْمُؤَوَّلِ أَوْ عُهِدَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ نَادِرًا، فَحَمْلُهُ عَلَى خِلَافِ الْمَعْهُودِ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ تَلْبِيسًا يُنَاقِضُ الْبَيَانَ وَالْهِدَايَةَ بَلْ إِذَا أَرَادُوا اسْتِعْمَالَ مِثْلِ هَذَا فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ الْمَعْهُودِ حَفُّوا بِهِ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يُبَيِّنُ لِلسَّامِعِ مُرَادَهُمْ بِهِ لِئَلَّا يَسْبِقَ فَهْمُهُ إِلَى مَعْنَاهُ الْمَأْلُوفِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَمَالَ هَذِهِ اللُّغَةِ وَحِكْمَةَ وَاضِعِهَا تَبَيَّنَ لَهُ صِحَّةُ ذَلِكَ. السَّابِعُ: كُلُّ تَأْوِيلٍ يَعُودُ عَلَى أَصْلِ النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ كَتَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﷺ: " «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» " فَيَحْمِلُهُ عَلَى الْأَمَةِ، فَإِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مَعَ شِدَّةِ مُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ يَرْجِعُ عَلَى أَصْلِ النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ: " «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» "، وَمَهْرُ الْأَمَةِ إِنَّمَا هُوَ لِلسَّيِّدِ فَقَالُوا:

1 / 26