Mukhtasar Minhaj as-Sunnah an-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
Daabacaha
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Lambarka Daabacaadda
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
ومثل هذه المناظرة أن يقع التفضيل بين طائفتين، ومحاسن إحداهما أكثر وأعظم ومساويها أقل وأصغر، فإذا ذكر ما فيها من ذلك عورض بأن مساوئ تلك أعظم، كقوله تعالى: {يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ثم قال: {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} (1) فإن الكفار عيروا سرية من سرايا المسلمين بأنهم قتلوا ابن الحضرمي في الشهر الحرام، فقال تعالى هذا كبير وما عليه المشركون من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن المسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فإن هذا صد عما لا تحصل النجاة والسعادة إلا به، وفيه من انتهاك المسجد الحرام ما هو أعظم من انتهاك الشهر الحرام.
لكن في هذا النوع قد اشتملت كل من الطائفتين على ما يذم، وأما النوع الأول فيكون كل من الطائفتين لا يستحق الذم، بل هناك شبه في الموضعين، وأدلة في الموضعين وأدلة أحد الصنفين أقوى وأظهر، وشبهته أضعف وأخفى، فيكون أولى بثبوت الحق مما تكون أدلته أضعف، وشبهته أقوى.
هذا حال النصارى واليهود مع المسلمين، وهو حال أهل البدع مع أهل السنة لاسيما الرافضة، وهكذا أمر أهل السنة مع الرافضة في أبي بكر وعلي، فإن الرافضي لا يمكنه أن يثبت إيمان علي وعدالته وأنه من أهل الجنة فضلا عن إمامته إن لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان.
وإلا فمتى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تساعده الأدلة، كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلة.
فإذا قالت له الخوارج الذين يكفرون عليا، أو النواصب الذين يفسقونه إنه كان ظالما طالبا للدنيا، وإنه طلب الخلافة لنفسه، وقاتل عليها بالسيف وقتل على ذلك ألوفا من المسلمين، حتى عجز عن انفراده بالأمر، وتفرق عليه أصحابه وظهروا عليه فقتلوه، فهذا الكلام إن كان فاسد ففساد كلام الرافضي في أبي بكر وعمر أعظم، وإن كان ما قاله في أبي بكر وعمر متوجها مقبولا، فهذا أولى بالتوجيه والقبول.
Bogga 88