كفور ظلوم، فهل يكن أبعد عن مقصود الإمامة وعن الخير والكرامة، ممن سلك منهاج الندامة، وفي الجملة فالله تعالى قد علق بولاة الأمور مصالح في الدين والدنيا، سواء كانت الإمامة أهم الأمور أو لم تكن، والرافضة أبعد الناس عن حصول هذه المصلحة لهم، فقد فاتهم على قولهم الخير المطلوب من أهم مطالب الدين وأشرف مسائل المسلمين.
ولقد طلب مني بعض أكابر شيوخهم الفضلاء أن يخلو بي وأتكلم معه في ذلك فخلوت به وقررت له ما يقولونه في هذا الباب كقولهم إن الله أمر العباد ونهاهم، فيجب أن يفعل بهم اللطف الذي يكونون عنده أقرب إلى فعل الواجب، وترك القبيح، لأن من دعا شخصا ليأكل طعاما فإذا كان مراده الأكل فعل ما يعين على ذلك من الأسباب، كتلقيه بالبشر وإجلاسه في مجالس مناسبة وأمثال ذلك.
وإن لم يكن مراده أن يأكل عبس في وجهه وأغلق الباب، ونحو ذلك وهذا أخذوه من المعتزلة، ليس هو من أصول شيوخهم القدماء.
ثم قالوا والإمام لطف، لأن الناس إذا كان لهم إمام يأمرهم بالواجب وينهاهم عن القبيح كانوا أقرب إلى فعل المأمور، وترك المحظور، فيجب أن يكون لهم إمام، ولا بد أن يكون معصوما، لأنه إذا لم يكن معصوما لم يحصل به المقصود، ولم تدع العصمة لأحد بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلا لعلي فتعين أن يكون هو إياه، للإجماع على انتقاء ما سواه وبسطت له العبارة في هذه المعاني.
ثم قالوا: وعلي نص على الحسن، والحسن على الحسين إلى أن انتهت النوبة إلى المنتظر محمد بن الحسن صاحب السرداب الغائب، فاعترف أن هذا تقرير مذهبهم على غاية الكمال، قلت له: فأنا وأنت طالبان للعلم والحق والهدى وهم يقولون من لم يؤمن بالمنتظر فهو كافر، فهذا المنتظر هل رأيته، أو رأيت من رآه، أو سمعت بخبره، أو تعرف شيئا من كلامه،
الذي قاله هو، أو ما أمر به أو نهى عنه مأخوذا عنه كما يؤخذ من الأئمة؟ قال: لا. قلت: فأي فائدة في إيماننا هذا؟ وأي لطف يحصل لنا بهذا؟.
ثم كيف يجوز أن يكلفنا الله تعالى بطاعة شخص ونحن لا نعلم ما يأمرنا به ولا ما ينهانا عنه، ولا طريق لنا إلى معرفة ذلك بوجه من الوجوه، وهم من أشد الناس إنكارا لتكليف
Bogga 45