Soo Gaabiye Wadada Doonayaasha
مختصر منهاج القاصدين
Daabacaha
مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ
Goobta Daabacaadda
دمشق
يخرج عنك، وفى كل ليلة تأتى عليك لا تزداد من الدنيا إلا بعدًا، ومن الآخرة إلا قربًا، وعلى إثرك طالب لا تفوته، وقد نصب لك علم لا تجوزه، فما أسرع ما تبلغ العلم، وما أوشك أن لحقك الطالب، وإنا وما نحن فيه وأنت زائل، والذى نحن صائرون إليه باق، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
...
ودخل سليمان بن عبد الملك المدينة، فأقام بها ثلاثًا، فقال: ما هاهنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله ﵌ يحدثنا؟
فقيل له: ها هنا رجل يقال له أبو حازم، فبعث إليه فجاء.
فقال سليمان: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال أبو حازم: وأى جفاء رأيت منى؟ فقال له: أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتنى؟! فقال: ما جرى بينى وبينك معرفة آتيك عليها. قال صدق الشيخ. يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلو من العمران إلى الخراب.
قال: صدقت يا أبا حازم، فكيف القدوم على الله تعالى؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله فرحًا مسرورًا، وأما المسئ فكالآبق يقدم على مولاه خائفًا محزونًا.
فبكى سليمان وقال: ليت شعرى، ما لنا عند الله يا أبا حازم، فقال أبو حازم: اعرض نفسك على كتاب الله؟ قال: عند قوله ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)﴾ [الانفطار: ١٣ - ١٤]. قال: يا أبا حازم، فأين رحمة الله؟ قال: ﴿قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦] قال: يا أبا حازم، من أعقل الناس؟ قال: من تعلم الحكمة وعلمها الناس. قال: فمن أحمق الناس؟ قال: من حط نفسه في هوى رجل وهو ظالم، فباع أخرته بدنيا غيره. قال: يا أبا حازم فما أسمع الدعاء؟ قال: دعاء المخبتين. قال: فما أزكى الصدقة؟ قال: جهد المقل.
قال يا أبا حازم، ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أعفني من هذا. قال سليمان نصيحة تلقيها. قال أبو حازم: إن ناسًا أخذوا هذا الأمر عنوة من غير مشاورة المسلمين، ولا إجماع عن رأيهم، فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا، ثم ارتحلوا عنه، فليت شعرى، ما قالوا؟ وما قيل لهم؟ فقال بعض جلسائهم؟ بئس ما قلت يا
1 / 135