60

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Daabacaha

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Noocyada

عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كتابٌ وَلَا سُنَّةٌ مِمَّا رَأَوْهُ حَسَنًا وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَجْتَمِعُ أُمة مُحَمَّدٍ ﷺ على ضلالة. فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ وكَتْبِه فِي الْمَصَاحِفِ، وَعَلَى جَمْعِ النَّاسِ عَلَى الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ، واطِّراح مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ القراءَات الَّتِي كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نصٌ ولا حَظْر. فالجواب وبالله التوفيق أنْ نقول: أمَّا [الإشكال] الأوَّل - وهو قوله ﷺ: «من سن سُنَّةً حسنة» الحديث - ليس الْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِرَاعَ ألبتَّة، وَإِلَّا لَزِمَ مِنْ ذلك التعارض بين الأدلة القطعية وإنَّما الْمُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا): أنَّ السَّبَبَ الَّذِي جَاءَ لِأَجْلِهِ الْحَدِيثُ هُوَ الصَّدَقَةُ الْمَشْرُوعَةُ، بِدَلِيلِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جريرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: كنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فجاءَه قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمار - أَوِ الْعَبَاءِ - مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عامتهم مضر - بل كلهم من مضر، فَتَمَعَّر وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِمَا رَآهُمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فأذَّن وَأَقَامَ، فصلَّى ثُمَّ خَطَبَ فقال: ﴿يَا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ (١) الآية، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَشْرِ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُر نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ (٢) تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّه، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِق تَمْرَةٍ» قَالَ: فجاءَه رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بصُرَّة كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ. قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتى رأيت وجه رسول

(١) النساء: ١. (٢) الحشر: ١٨.

1 / 56