43

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Daabacaha

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Noocyada

الأوَّل وَغَيْرَهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ كَثِيرٍ مِنْ فِرَقِهِمْ مِثْلَ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شَيْءٍ﴾ (١)، وَقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ (٢) الْآيَةَ. وَقَدْ حَكَمَ العلماءُ بِكُفْرِ جُمْلَةٍ مِنْهُمْ كَالْبَاطِنِيَّةِ وسواهم، والعلماءُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمْرٍ: هَلْ هُوَ كُفْرٌ أَمْ لَا؟ فَكُلُّ عَاقِلٍ يربأُ بِنَفْسِهِ أَنْ يُنسب إِلَى خُطَّةِ خَسْفٍ كَهَذِهِ بِحَيْثُ يُقَالُ لَهُ: إنَّ العلماءَ اخْتَلَفُوا: هَلْ أَنْتَ كَافِرٌ أَمْ ضَالٌّ غَيْرُ كَافِرٍ؟ أَوْ يُقَالُ: إنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا بكفرِك وَأَنْتَ حَلَالُ الدَّمِ.
- وأمَّا أنَّه يُخافُ عَلَى صَاحِبِهَا سُوءُ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ. فلأنَّ صَاحِبَهَا مرتكبٌ إثمًا، وعاصٍ لله تعالى حتمًا، وَمَنْ مَاتَ مُصِرًَّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيُخَافُ عَلَيْهِ.
لأنَّ الْمُبْتَدِعَ مَعَ كَوْنِهِ مُصِرًَّا عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ يَزِيدُ عَلَى المُصِرِّ بِأَنَّهُ معارضٌ لِلشَّرِيعَةِ بِعَقْلِهِ، غَيْرُ مُسَلِّمٍ لَهَا فِي تَحْصِيلِ أمرِه، مُعْتَقِدًا فِي الْمَعْصِيَةِ أَنَّهَا طَاعَةٌ، حَيْثُ حسَّن مَا قبَّحه الشَّارِعُ، وَفِي الطَّاعَةِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ طَاعَةً إِلَّا بِضَمِيمَةِ نَظَرِهِ، فَهُوَ قَدْ قبَّح مَا حسَّنه الشَّارِعُ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَحَقِيقٌ بِالْقُرْبِ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ إِلَّا ما شاء الله.
- وأمَّا اسوداد الوجه في الآخرة، فلقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجوهٌ

(١) الأنعام: ١٥٩.
(٢) آل عمران: ١٠٦.

1 / 38