Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Daabacaha
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Noocyada
البابُ الأوَّل
[في تعريف البدع وبيان معناها وما اشتق منه لفظًا]
وأصل مادة «بَدَعَ» لِلِاخْتِرَاعِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَمِنْهُ قول الله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّموَاتِ والأرْضِ﴾ (١) أي مخترعهما مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ مُتَقَدِّمٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِن الرُّسُل﴾ (٢)، أَيْ مَا كُنْتُ أوَّل مَنْ جاءَ بِالرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ إِلَى الْعِبَادِ بَلْ تَقَدَّمَنِي كَثِيرٌ مِنَ الرُّسُلِ، وَيُقَالُ: ابْتَدَعَ فَلَانٌ بِدْعَةً يَعْنِي ابْتَدَأَ طَرِيقَةً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا سَابِقٌ. وَهَذَا أَمْرٌ بَدِيعٌ، يُقَالُ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحْسَنِ الَّذِي لَا مِثَالَ لَهُ فِي الْحُسْنِ، فكأنَّه لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا هُوَ مِثْلُهُ وَلَا مَا يُشْبِهُهُ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَتِ الْبِدْعَةُ بِدْعَةً، فَاسْتِخْرَاجُهَا لِلسُّلُوكِ عَلَيْهَا هُوَ الِابْتِدَاعُ، وَهَيْئَتُهَا هِيَ الْبِدْعَةُ، وَقَدْ يسمى العمل الْمَعْمُولُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بِدْعَةً: فَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَ الْعَمَلُ الَّذِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ بِدْعَةً، وَهُوَ إِطْلَاقٌ أَخَصُّ مِنْهُ في اللغة فَالْبِدْعَةُ إِذَنْ عِبَارَةٌ عَنْ: «طريقةٌ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٍ تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ في التعبد لله سبحانه»
_________
(١) البقرة: ١١٧، الأنعام: ١٠١.
(٢) الأحقاف: ٩.
1 / 7