129

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Daabacaha

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Noocyada

تِلْكَ الْفِرَقَ قَدِ ارْتَكَبَتْ كلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَعْصِيَةً كَبِيرَةً أَوْ ذَنْبًا عَظِيمًا، إِذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الأُصول أنَّ مَا يُتوعد الشرُّ عَلَيْهِ فَخُصُوصِيَّتُهُ كَبِيرَةٌ، إِذْ لَمْ يَقُلْ: كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْوَصْفِ الَّذِي افْتَرَقَتْ بِسَبَبِهِ عَنِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَعَنْ جَمَاعَتِهِ، وليس ذلك إلا للبدعة المُفَرِّقة، إِلَّا أَنَّهُ يُنظر فِي هَذَا الْوَعِيدِ، هَلْ هُوَ أبَدِيٌّ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُلْنَا: إنَّه غَيْرُ أَبَدِيٍّ، هَلْ هُوَ نافذٌ أَمْ فِي الْمَشِيئَةِ. أمَّا الْمَطْلَبُ الأوَّل فَيَنْبَنِي عَلَى أنَّ بَعْضَ الْبِدَعِ مُخْرِجَةٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوْ ليست مخرجة، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ التَّكْفِيرِ فَيُحتمل - عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ - أَمْرَيْنِ: (أَحَدُهُمَا): نُفُوذُ الْوَعِيدِ مِنْ غَيْرِ غُفْرَانٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: «كُلُّهَا فِي النَّارِ»؛ أَيْ: مُستقِرَّة ثابتة فيها. (وَالثَّانِي): أَنْ يَكُونَ مقيَّدًا بِأَنْ يَشَاءَ اللهُ تَعَالَى إصلاءَهم فِي النَّارِ، وإنَّما حُمِلَ قَوْلُهُ: «كُلُّهَا فِي النَّارِ» أَيْ: هِيَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النار. المسألة التاسعة إنَّ قَوْلَهُ ﵊ «إِلَّا وَاحِدَةً» قَدْ أَعْطَى بنصِّه أَنَّ الحقَّ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ، إِذْ لَوْ كَانَ للحقِّ فِرَقٌ أَيْضًا لَمْ يَقُلْ: «إِلَّا وَاحِدَةً»، ولأنَّ الِاخْتِلَافَ منفيٌ عَنِ الشَّرِيعَةِ بِإِطْلَاقٍ، لأنَّها الْحَاكِمَةُ بَيْنَ المختلفِين، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ (١)؛ إِذْ ردَّ التَّنَازُعِ إِلَى الشَّرِيعَةِ، فَلَوْ كَانَتِ الشَّرِيعَةُ تَقْتَضِي الْخِلَافَ لَمْ يكن في الردِّ إليها فائدة.

(١) النساء: ٥٩.

1 / 128