108

Mukhtasar Fatawa Masri

مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية

Baare

عبد العزيز بن عدنان العيدان وأنس بن عادل اليتامى

Daabacaha

ركائز للنشر والتوزيع وتوزيع دار أطلس

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1440 AH

Goobta Daabacaadda

الكويت والرياض

فإذا لم يكنْ فيها حديثٌ صحيحٌ، فضلًا أن يكونَ فيها أخبارٌ متواترةٌ أو مستفيضةٌ؛ امتَنعَ أن يكونَ النبيُّ ﷺ جهَرَ بها، ولا يعارِضُ ذلك كونُ عدمِ الجهرِ مما تتوفَّرُ الدواعي على نقْلِه، ولم يُنقلْ متواتِرًا، بل تَنازَعَ فيه العلماءُ؛ لأنَّ الذي تَتوفَّرُ الِهمَمُ والدَّواعي على نَقْلِه في العَادِةِ هو الأمورُ الوُجوديَّةُ، فأمَّا العَدَمِيَّةُ فَلا، ولا يُنقَلُ منها إلا ما ظُنَّ وجودُه، أوِ احتِيجَ إلى معرفتِه، ولهذا لو نقَلَ ناقلٌ افتراضَ صلاةٍ سادسةٍ، أو صومٍ زائدٍ، أو حجٍّ، أو زيادةٍ في القراءةِ، أو في الرَّكَعاتِ؛ لقطَعْنا بكَذِبِه، وإنْ كان عدمُ ذلك لم يُنقَلْ نقلًا متواترًا قاطعًا.
يوضِّحُه: أنَّهم لمَّا لم ينقُلوا الجهرَ بالاستفتاحِ والاستعاذةِ؛ استَدلَّتِ الأمةُ على عدمِ جهرِه بذلك، وإن كان لم يُنقَلْ نقلًا عامًّا عدمُ الجهرِ، فبالطريقِ التي يُعلَمُ عدمُ جهرِه بذلك يُعلَمُ بالبسملةِ، هذا وجهٌ.
الثاني: أن الأمورَ العدميةَ لما احتِيجَ إلى نقْلِها؛ نُقِلتْ، فلما انقرضَ عصرُ الخلفاءِ سأل الناسُ أنسًا لمَّا جهَرَ بها بعضُ الأئمةِ كابنِ الزُّبَيْرِ، فأخبَرَهم أنسٌ بتَرْكِ الجهرِ.
الثالثُ: أنَّ نفيَ الجهرِ قد نُقِل نقلًا صحيحًا صريحًا في حديثٍ، والجهرُ لم يُنقَلْ نقلًا صحيحًا، معَ أن العادةَ توجبُ نقلَ الجهرِ دونَ عدمِه كما قدَّمْناه.
ومَن تدبَّرَ هذه الوجوهَ، وكان عالمًا بالأدلةِ؛ قطَعَ بأنَّ النبيَّ ﷺ لم يكنْ يجهرُ بها.
وهل هذا إلا بمثابةِ مَن يَنقُلُ أنَّه كان يجهرُ بالاستفتاحِ معَ أن بعضَ

1 / 112