وجميع الفرق الثلاث في كلامها مخاطرة، إما خطأ في بعضه، وإما سقوط هيبته، والسالم من ذلك كله ما كان عليه الصحابة والتابعون، وعموم الناس الباقون على الفطرة السليمة".
وبعد فإن ضرر التأويل على أهله، وحمله إياهم على الانحراف عن الشرع مما لا حدود له في نظري، فلولاه لم يكن للقائلين بوحدة الوجود اليوم وجود، ولا لإخوانهم القرامطة الباطنية من قبل، الذين أنكروا الشريعة وكل ما فيها من حقائق كالجنة والنار، والصلاة والزكاة والصيام والحج، ويتأولونها بتآويل معروفة. قال العلامة المرتضى اليماني في "إيثار الحق على الخلق" في صدد بيان قبح التأويل "ص١٣٥":
"فإن المعتزلة والأشعرية إذا كفروا الباطني بإنكار الأسماء الحسنى والجنة والنار، يقول لهم الباطني: لم أجحدها، إنما قلت: هي مجاز، مثلما أنكم لم تجحدوا الرحمن الرحيم الحكيم، وإنما قلتم: إنها مجاز! وكيف كفاكم المجاز في الإيمان بالرحمن الرحيم وهما أشهر الأسماء الحسنى أو من أشهرها، ولم يكفني في سائرها وفي الجنة والنار مع أنهما دون أسماء الله بكثير؟ وكم بين الإيمان بالله وبأسمائه والإيمان بمخلوقاته؟! فإذا كفاكم الإيمان المجازي بأشهر الأسماء الحسنى فكيف لم يكفني مثله في الإيمان بالجنة والنار والمعاد؟! ".
قلت: ونحوهم طائفة القاديانية اليوم الذين أنكروا بطريق التأويل كثيرا من الحقائق الشرعية المجمع عليها بين الأمة كقولهم ببقاء النبوة بعد النبي ﷺ متأسين في ذلك بنبيهم ميرزاغلام أحمد، ومن قبله ابن عربي في "الفتوحات المكية" وتأولوا قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ بأن المعنى زينة النبيين وليس آخرهم! وقوله ﷺ: "لا نبي بعدي" بقولهم: أي معي! وأنكروا وجود الجن مع تردد ذكرهم في القرآن الكريم، فضلا عن السنة وتنوع صفاتهم فيهما، وزعموا أنهم طائفة من البشر! إلى غير ذلك من ضلالاتهم، وكلها من بركات التأويل الذي أخذ به الخلف في آية الاستواء وغيرها من آيات الصفات.
1 / 32