في المظاهر وأجل الظهار أربعة أشهر كأجل الإيلاء، لأنه يجري مجرى اليمين، قال الله تعالى: { والذين يظاهرون منكم من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } * يعودون: لجماع الزوجات: { فتحرير رقية من قبل أن يتماسا } * من قبل أن يجامع { فمن لم يجد } * عتق رقبة: { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } * فإذا قال الرجل لزوجته هي عليه كظهر أمه حرام عليه وطؤها وكان مظاهرا منها حتى يكفر بالعتق، فإن لم يجد العتق ولم يقدر على شراء لقلة ما في يده صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم من كبر أو مرض أو ما يمنعه من العجز من استطاعته الصوم أطعم ستين مسكينا كفارة لظهاره فهذه الثلاث فكارة الظهار، وقيل يبدأ بالأول فالأول كما قال الله تعالى، وليس بمخير ولا يجزئه الصوم إذا وجد العتق لم يصم، وإن قدر على الصوم ولم يطعم، وإن فعل لم ينفعه ولا يعذر بالجهالة فيه إن ركب شيئا من ذلك حتى يأتي الأمر كما ذكر الله - عز وجل -، فإذا كفر جاز له مجامعة زوجته، وإن جامع قبل أن يكفر حرمت عليه أبدا، وإن لم يكفر حتى تمضي أربعة أشهر بانت منه بالظهار، وحلت للأزواج من يومها وحينها وكان خاطبا في الخطاب وعليه الكفارة لظهاره إن تزوجها ثانية لأنه فر من شيء هو عليه، ولا وقت عليه أيضا في الكفارة بعد انقضاء أجل الظهار ووجوب الحنث عليه، وإن أعتق المظاهر رقبة مؤمنة مصدقة بتوحيد الله فذلك المأمور به، ويعتق رقبة بالغة تقدر على المكسبة لنفسها، فإن أعتق أعور بعين فقد أجاز بعض ذلك وقال آخرون حتى تكون رقبة مؤمنة سالمة الجوارح تقدر على المكسبة، وقد أجاز بعضهم عقت يهودية أو رقبة نصرانية، وفي نفسي من ذلك، ولا أحب إلا رقبة مسلمة قد صلت الخمس، وإن أعتق صبيا عاله حتى يبلغ، ولا يجوز له عتق زمن ولا ناقص الجوارح عن الظهار والله أعلم، وإن لم يجد المظاهر عتقا فصام شهرين متتابعين، فإن بدأ من الشهرين الأولين ولم يفرض فانتقض عليه صومه بمرض أو جنابة أبدل ذلك لنه قد صام ولم يفرط، وإن فرط ولم يصم حتى انقضى الشهران الأولان ثم أخذ في الصوم فصام الآخرين وبقي عليه حتى انقضى الشهران الأولان ثم أخذ في الصوم فصام الآخرين وبقي عليه يوم أو شيء فاتته امرأته، وإن انتقض صومه لم أر له البدل في الشهر الخامس، وأخاف أن تفوته، وإن لم يصم وكان يقدر على الصوم فتوانى حتى إذا تقارب الوقت وخاف الفوت أراد أن يطعم وهو يقدر على الصوم لم يجزه الإطعام وفاتته، وإن يجزئ الإطعام لمن لم يستطع الصوم، فإذا لم يستطع الصوم أطعم ستين مسكينا أكلتين غداء وعشاء أو أكلة بعد أكلة، ولا يطعم مشركا ولا عبدا، وإن أطعم عبدا لم يجزئه وعليه أن يطعم أحرارا، وإن أطعم عبدا ولم يعلم ثم علم به أطعم حرا مكانه، وإن لم يطعم حرا مكانه وجامع امرأته حرمت عليه لأنه لم يطعم ستين مسكينا، كما قال الله تعالى، قد أنقص واحدا، وليس العبد مسكينا ذلك مال وطعم المال لا يجزئ عن الظهار، وإذا أطعم ستين مسكينا أكلة واحدة ثم عجل فجامع امرأته قبل أن يطعم ثانية فبئس ما فعل، ولا تحرم عليه إذا عاد أطعمهم بأعيانهم أكلة أخرى فقد أطعم ستين مسكينا ولم تحرم عليه، وإن غابوا أو مات أحد منهم ولم يطعمهم ثانية حرمت عليه والله أعلم، وفي الأكلة الواحدة في تحريمها اختلاف، قد قال قوم تحرم، وإذا قال الرجل لزوجته هي عليه كظهر أمه فهو ظهار لا اختلاف فيه، ولا يقربها حتى يكفر، فإن قال لزوجته هي عليه كظهر من يحرم عليه نكاحه فهو ظهار، ومثل ذلك لو قال: هي عليه كظهر أخته أو كظهر أمه أو كظهر عمته أو خالته أو ابنته أو جدته، أو هي عليه كظهر مجوسية، أو أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو كظهر رجل كان ظهارا، أو قال: هي عليه كظهر الدواب أو البهائم، إذا ذكر الظهر كان ظهارا، أو قال: هي عليه كظهر من يحرم عليه نكاحه أبدا كان ظهارا، وإن قال: هي عليه كظهر هذه المجوسية لم يكن ظهارا لأنه يمكن أن تسلم ويتزوج بها ولا ظهار، وإن قال: هي عليه كزوجة أخيه لم يكن ظهارا لأن ذلك يمكن أن يفارقها أخوه ويتزوج بها فلا ظهار، وإن قال: هي عليه كأمه أو كأخته أو كل من يحرم عليه نكاحه ولم يقل كظهر أحدهم، فإن الاختلاف بينهم فيه، والذي أقول به إنه لا يكون ظهارا إنما هو كمن حرم زوجته على نفسه كقوله: هي عليه حرام، وقوله: هي عليه كأخته كله عندنا سواء وعليه كفارة يمين مرسل ولا يلزمه ظهار في ذلك، وإن قال لزوجته: أنت كأمي أو كأختي أو ابنتي أو كأخي فإن ذلك لا يكون ظهارا، ولا يلزمه يمين ولا غير ذلك لأن ذلك يتصرف أن يكون كأمه عنده في المنزلة كحقها وقدرها، أو تكون عنده كأمه في البر منه لها وإيجاب الحق وقدر المنزلة واحتساب الحق، فلا شيء عليه حتى يريد به غير ذلك فهذا فيمن حلف بالظهار، ومن ظاهر من امرأة لم يدخل بها لحقه الظهار، إذا كان يجد طولا إلى ملامستها.
Bogga 206