موضوعي الليلة هو النكتة المصرية في العصر الحديث، فإذا فرغنا من القول في ذلك ألممنا بشخصية من الشخصيات التي حذقت هذا الفن، وبرعت فيه أيما براعة، وهي شخصية المرحوم إمام أفندي العبد.
وهنا أرجو أن ترخصوا لي في أن أتكلم، ما دعت الحاجة، بالعامية الخالصة، لأن النكتة إذا سبكت في العربية الخالصة فقد ينضب ماؤها، ويحول بهاؤها، وإنني لأذكر أنني قرأت للإمام الجاحظ شيئا في هذا المعنى، وأين نحن من إمام البيان غير مدافع، وأين بياننا من بيانه، وأين تجويد أقلامنا من عفو لسانه؟
سيداتي، سادتي
إذا أنا خصصت النكتة المصرية بالذكر، فذلك لأنني لا أعرف أمة من الأمم العربية الأخرى أحسنت هذا النوع أو برعت فيه براعة المصريين،
2
ولست بالضرورة أعني تلك النكتة البلدية القائمة على التلفيق بين صدر معنى من المعاني، وبين ألفاظ ثابتة لمعان أخر، فيخرج من هذا التلفيق صورة مضحكة بحكم المفارقة بين هذين الشقين، وهذا النوع يدعوه العامة «بالقافية»، ولأضرب لكم مثلا أو مثلين لتوضيح هذا الكلام، ففي «قافية» الغناء مثلا يقول الرجل لمناظره: إخوانك يشوفوك على المشنقة يزعقوا ويقولوا: اشمعنى؟ - كده العدل!
وفي «قافية» الجرائد يقول له: أنت مسميينك في البيت.
اشمعنى؟
البرص! وهكذا، فهذا هو التلفيق الذي عنيت.
لا أريد بالضرورة هذا اللون من النكتة، لأنه لا أثر فيه للذكاء، ولا مجال لسرعة الخاطر، هذا إلى أن حظه من التصوير غير جليل، وإلى أنه ثابت مدون محفوظ؛ يقال لكل من شارك فيه في كل مقام.
Bog aan la aqoon