وهذا كيت وهذا كيت، مما يصاب ب «لعل» وما يصاد ب «ليت»، ما دام في مصباح هذه الحياة زيت! •••
ويشاء الله تعالى بعد هذا البلاء كله أن أصح وأسلم، ويعود إلي ما كان لي من العافية، وإني لأستعرض ذلك الذي كنت أشتهيه وأنظره للعافية، فإذا النفس منصرفة عنه، زاهدة فيه، لا تراه يستحق من هموم الشهوة كثيرا ولا قليلا!
ها أنا ذا أعود إلى العافية فأعود إلى ألا أذوق لها طعما، ولا أشعر بها إلا وهما، ولا أجد لها من أسباب النعماء، بعض ما يقدره العليل للأصحاء، أفتراني أرجو دوام السقم، لأستديم الشعور بما في العافية من النعم؟ إذن فيا لها نعمة لا يقوم وجودها إلا في العدم! وصدق من قال: «الصحة تاج على رءوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضاء» ورحم الله القائل «وبضدها تتميز الأشياء ».
وعلى هذا أسأل الله ألا يشعركم هذه النعمة يا معشر القراء، إنه تعالى سميع الدعاء!
في الطيارة بين ألماظة والدخيلة1
لقد كان بيني وبين صديقي وأستاذي المرحوم محمد بك المويلحي اتفاق وثيق على أن السيارة لم تصبح بعد مركبا عاديا سائغا يجوز للناس أن يتخذوه في سراح ورواح
2
آمنين، فإذا كنت ترى في ملاعب «البهلوان» من يمشي على السلك الأرفع، ومن يصارع الوعل، ومن يعفر الليث الخادر بالسوط، فصل ركوب السيارة بهذا، فإن كنت بطلا فتقدم إليها في غير حاجة، وإلا تكن فلا يضطرك إليها إلا الضرورة الملحة من طول مدى وضيق وقت، وخوف فوت ونحو هذا، والضرورات - كما قالوا - تبيح المحظورات، وقضى المويلحي رحمه الله على هذا؛ وبقيت بعده هذه السنوات الثلاث حافظا لعهده، قائما على ميثاقه، ولست أدري بعد إذ ترقرق في عالم الأرواح: ألا يزال ثابتا على رأيه؟ أم تكشف له من مكنون الحقائق ما حرفه عنه؟ ومهما يكن من شيء فسنلتقي في يوم قريب أو بعيد، وحينئذ يتهيأ لنا أن نعيد النظر في ذلك الاتفاق!
هذا رأيي، إلى أن أموت على الأقل، في اتخاذ السيارة؛ على أنني لا أفتأ أتخذها على علمي بأن جانب التلف فيها يغلب جانب السلامة، ولكنها كما زعمت الضرورة، وإنني لأخاطر من شاء على ما يشاء، مما يدخل في طوقي، إن كان أحد رآني قط أقرأ في السيارة جريدة، أو أنقد دراهم، أو ألقي بالا إلى حديث رديف؛ بل إن شأني معه إذا هو أقبل بالحديث علي لكشأن القائل:
وأطيل لحظ محدثي ليرى
Bog aan la aqoon