Mujaz
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
واحتج كل واحد منهما بالذي يرى أنه يقوي مذهبه ومقالته؛ وذلك أن عبد الله بن يزيد قال لسعيد: أليست الحجة فيما اختلف فيه المختلفون أن يرجعوا به إلى ما اتفقوا عليه من الأصل الذي لم يختلفوا فيه، فكل من وافق قوله منهم ما أجمعوا عليه في الأصل الأول كانت الشهادة والإقرار له دون من كان قوله مخالفا للأصل الأول الذي اجتمعوا عليه، فأجاب له سعيد: ببلا، فقال له عبد الله: أليس مما خالفنا عليه أهل القدر، ونقمنا من مقالتهم أن قالوا: إن حجة الله على خلقه إنما قامت عليهم بعقولهم دون الرسل، فأجابه سعيد: ببلا، فقال له عبد الله: فإذا كان الأمر هكذا، وزعمت أنت أن حجة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قد قامت على الناس سمعوا أو لم يسمعوا فأنت إنما ذهبت بقولك: أو لم يسمعوا إلى أن يحتج عليهم بما في عقولهم، فترجع إلى الذي عبنا جميعا على القوم؛ لأنه ليس بين العقول والسماع وجه ثالث، أما أن يكون يحتج عليهم بالعقول، فذلك ما نقمنا جميعا على من قال به، وأما أن تكون تحتج بالرسل فلا يكون أن تقوم حجة الرسل على الناس وهم لم يسمعوا، فأجابه سعيد بأن قال له: مهلا عليك لا تعجل، ولكن تثبت فيما سألت عنه وفيما احتججت به، وفيما أجبت من جوابك حتى تعرف ما يلزمك خصمك، وحتى تعلم أينا أقرب إلى مقالة من ذكرت من أهل الخطأ، وأينا أميل إلى جوابهم، فقال له عبد الله: هات، فقال له سعيد: أليس الذي فارقنا عليه أصحاب الفكر بأن قالوا: إن حجة الله على عباده موجودة في عقولهم، مكتفون بأفكارهم عن حجة الرسل (¬1) ،
¬__________
(¬1) راجع ما كتبه الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه "التوحيد الخالص أو الإسلام والعقل، في فصل (القرآن هاد للعقل، ص 13، ورده على من يقول بهذه المقالة). وما كتبه الإمام الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال نحو هذا الصدد، وكذلك إحصاء العلوم للفارابي..
Bogga 167