243

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Noocyada

قالوا: وجدنا هذا الفعل شيئا واحدا لا يحتمل التجزئة، ولا يوصف بالتغاير، قلنا: لا يخلو هذا الشيء من الفعل من منازل ثلاثة: إما أن يكون خلقا لله، أو يكون للعبد فعلا، وإما أن يكون لهما جميعا، فإن قالوا: كان للعبد فعلا فهو ما قلنا، وبطل أن يكون لله خلقا، وإن كان لله خلقا بطل أن يكون للعبد فعلا، وإن كان لهما جميعا فهذا معنى الشركة، والشركة عن الله منفية، ولا نعلم لأهل القدر معارضة أوثق في نفوسهم من هذه، ولا مسألة أوكد عندهم من هذه المسألة التي يذكرون فيها الشركة، وهي عند المبتدئين من أهل الإثبات مسألة ساقطة، ومعارضة واهية، فضلا عن حذاق متكلميهم؛ وذلك أن أهل الإثبات قالوا: أما قول القدرية إن الفعل لا يعدو ثلاث منازل فهو منهم دعوى وتحكم بغير حجة ولا دليل، بل يعدو الفعل جميع ما قالوا من ذلك إلى غير ما قالوا، إذ لا يجوز أن يكون الفعل بجميع جهاته مضافا إلى العبد، ولا منسوبا إليه، ولا موصوفا بالقدرة على تلك المعاني من الفعل؛ وذلك أن من جهات الفعل أنه شيء، وأنه محدث، ومخترع، وخارج من معنى العدم إلى معنى الوجود، وأنه عرض، وأنه حركة أو سكون، وأنه ملازم للفناء، غير موصوف بالبقاء، وأنه غير مدرك بالأبصار، ولا متجل للعيان، وأنه مخالف لما خالف من الأشياء، موافق لما وافق، فبطل أن تكون هذه المعاني من الفعل مضافة إلى العبد، ولا منسوبة إليه، لثبوت عجز العبد، وإبطال قدرته على أن يكون جعله كذلك. فلما كان الأمر على ما وصفنا من هذا تبين أن الفعل قد عدا هذا الوجه، وخلا منه، وبطل أيضا أن يكون الفعل مضافا إلى الله عز وجل من الجهة التي يضاف بها إلى العبد، من أنه تحرك، أو سكن، أو قارف أو عنا، أو عالج، أو آمن، أو كفر، أو أطاع، أو عصى، لما كانت هذه الإضافات لا تحسن إلى الله بهذه المعاني، ولا تجوز النسبة إليه بها.

Bogga 45