94

Muhit Burhani

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

Baare

عبد الكريم سامي الجندي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1424 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

طاهر بحاله؛ لأنه لا نجاسة عليه حقيقة وإنما يتغير بقصد القربة لما فيه من تطهير عن الآثام ولم يوجد، فلا يصير مستعملًا. قال القدوري: كان شيخنا أبو عبد الله الجرجاني يقول: الصحيح عندي من مذهب أصحابنا أن إزالة الحدث توجب استعمال الماء؛ لأن المقصود قد حصل بها كما لو قصد القربة ولا معنى لهذا الخلاف إذ لا نص عنهما على هذا الوجه، ولا يجوز أن يؤخذ هذا من مسألة البئر؛ لأنه أمكن تخريجها على المقولتين من غير إثبات الخلاف، محمد ﵀ يقول في دخول الجنب في البئر ضرورة، وفي تكليف الغواص بالغسل حرج، فيحمل ذلك لضرورة، وهذا كما قلنا في المحدث أو الجنب إذا أدخل يده في الأناء، أو الحبِّ لأجل الاغتراف لا يصير الماء مستعملًا بلا خلاف، إلا إذا نوى بإدخال اليد الاغتسال، وإنما لا يصير مستعملًا لأجل الضرورة؛ لأن الإنسان عسى لا يجد إناء صغيرًا ولا يمكنه صب الماء على يده من الإناء الكبير، فيضطر إلى الإدخال فيسقط اعتبار القياس، وأقام اليد مقام الإناء الصغير. وإذا نوى الاغتسال ولم يستعمل اليد استعمال الإناء، فبقي على أصل القياس. ولو أدخل رجله في البئر ولم ينو به الاستعمال، ذكر شيخ الإسلام: أنه يصير مستعملًا عند أبي يوسف، وذكر شمس الأئمة الحلواني ﵀: أنه لا يصير مستعملًا وعلل: لأن الرجل تجري مجرى اليد في الإناء، فعلى قول هذا التعليل لو أدخل الرجل في الإناء يصير مستعملًا لعدم الضرورة، وكذلك لو أدخل رأسه أو عضوًا آخر في البئر أو في الإناء يصير مستعملًا لعدم الضرورة، وعلى هذا إذا وقع الكوز في الحب، فأدخل يده في الحب لإخراج الكوز لا يصير الماء مستعملًا لمكان الضرورة، ويشترط إدخال عضو تام لصيرورة الماء مستعملًا في الرواية المعروفة عن أبي يوسف. وفي «الفتاوى»: لو أدخل في الإناء أصبعًا أو أكثر منه دون الكف يريد غسله لم ينجس الماء، وإن أدخل الكف يريد غسله يتنجس؛ لأن في الأول ضرورة، ولا ضرورة في الثاني. قال الصدر الشهيد ﵀: هذا إنما يتأتى على قول من يجعل الماء المستعمل نجسًا لا على من لا يجعله نجسًا. وفي «العيون» عن محمد ﵀: جنب أصاب يده أو ثوبه قذر أخذ الماء بفيه (١٦ب١) ولم يرد به المضمضة وغسل اليد أو الثوب يجوز، وكذلك لو توضأ به يجوز، ولو أراد به المضمضة لم يجز الغسل ولا الوضوء؛ لأن في الوجه الأول لم يقصد القربة، فلم يصر الماء مستعملًا، وفي الوجه الثاني قصد القربة فصار الماء مستعملًا. وروى المعلى عن أبي يوسف ﵀: أنه لا يجوز الوضوء ولا الغسل؛ لأنه قد ارتفع به الحدث، وإنه كافٍ لصيرورة الماء مستعملًا عنده، وعلى هذا إذا أخذ الماء بفيه وملأ به الآنية. قال الحاكم الشهيد ﵀ في «المختصر»: ولا يجوز التوضؤ بالماء المستعمل في وضوء أو غسل شيء من البدن، قال شمس الأئمة الحلواني ﵀: قوله: أو غسْل شيء من البدن أورده الحاكم في «المختصر»، ولم يذكره محمد ﵀ في

1 / 122