76

Muhit Burhani

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

Baare

عبد الكريم سامي الجندي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1424 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

سبيل الاحتياط. ولو توضأ بماء البئر إنسان قبل نزح العشرين لا يجوز، وكان يجب أن يجوز التوضؤ به بعد إخراج الفأرة إذا لم تكن قد انتفخت؛ لأن الماء بوقوع النجاسة فيه، إنما تنجس بمجاورة أجزاء النجاسة أجزاء الماء وإذا أخرجت الفأرة من ساعته لم يبق من أجزائها في الماء شيء، فكان يجب أن لا يحكم بنجاسة الماء متى أخرجت وهي ميتة كما لا يحكم بنجاسته متى أخرجت وهي حيّة إلا أنا تركنا القياس بالآثار.Y روى القاضي الإمام أبو جعفر والفقيه أبو علي الحافظ بإسنادهما عن رسول الله ﵇ أنه قال في الفأرة: «إذا وقعت في البئر فماتت فيه فأخرجت من ساعته أنه ينزح منها عشرون دلوًا أو ثلاثون» . وعن علي ﵁ أنه قال: في الفأرة إذا وقعت في البئر فماتت فيها فأخرجت: ينزح منها سبع دلاء، وفي رواية ينزح منها دلاء ولا يفسد بئر في هذه الرواية. وفي رواية ينزح منها عشرون دلوًا أو ثلاثون، وفي رواية ينزح منها ثلاثون دلوًا، وعن ابن عباس ﵄ أنه قال في الفأرة إذا وقعت في البئر وماتت فيها إنه ينزح منها أربعون دلوًا فتركنا القياس بهذه الآثار. والسلف اتفقوا على هذا أيضًا فتركنا القياس اتباعًا لقولهم أيضًا. وقد روى ابن أبي مالك عن أبي يوسف أنه قال: ناظرت أبا حنيفة في الفأرة تموت في البئر فأخرجت من ساعته، فاتفق رأينا أنه لا يجب نزح شيء بعد إخراج الفأرة إلا أنا حكمنا بنجاسة الماء بالآثار، أشار إلى أنه ترك القياس بالآثار وأقوال السلف، ثم إنما قدرنا بالعشرين لأنها أوسط الأعداد التي ذكرت في الآثار، والقياس بعد ما جرى الحكم بنجاسة البئر أحد الشيئين. أمّا ما قاله بشر أنه يطم البئر طمًا ويحفر في موضع آخر، ولا يحكم بطهارته بالنزح لأنه يتقاطر من الدلو في البئر وتلك القطرات نجسة فوجب تنجس الماء ولأن غاية ما في الباب أنه ينزح جميع الماء ويبقى الطين والحجارة نجسًا ولا يمكن كنسه ليغسل فيطم لهذا وما نقل عن أبي يوسف ﵀ أنه ينبغي أن يحكم بطهارة الماء إذا نزح منها دلو واحد أو اثنين أو ثلاثًا؛ لأنه كلما نزح من أعلاه يبقى في أسفله فيصير بمعنى الماء الجاري لكن تركنا كلا القياسين اتباعًا للآثار ولأقوال السلف على نحو ما بيّنا وهو معنى ما ذكر ابن رستم في «نوادره» لا يؤخذ في البئر شيء من القياس. ونوع من المعنى يدل على الفرق بين الماء الجاري والذي لا يخلص بعضه إلى بعض وبين ماء البئر: أن الشيء إذا أصابته النجاسة لا يحكم بطهارته إلا بإزالة النجاسة عن الموضع الذي أصابته كما في غير الماء، إلا أنه لا يمكن اعتبار حقيقة الإزالة في الماء فتعتبر الإزالة بقدر الإمكان، فقيل: متى كان الماء جاريًا ورد الطاهر على النجس وأزالها عن موضعها، فحكم بالطهارة بطريق زوال النجاسة بقدر الإمكان، وكذلك في الماء الذي لا يخلص بعضه إلى بعض فالطاهر اعتبرو

1 / 104