وقد تُعَرَّض النسخة لأسباب التلف ليُظن أنها قديمة، كما يفعل بعض تُجار المخطوطات.
ويدرس كذلك الخط والمداد لِمعرفة الزمن الذي كتبت فيه، فلكل عصر نمط خاص في الخط، ويُعرف كذلك المداد القديم من الحديث، ويفطن المحقق إلى وحدة الخط واطراده وطريقة رسمه، ويلاحظ ما على النسخ من إجازات وتَمليكات وقراءات، أو تعليقات لبعض العلماء، ومعرفة أزمان هذه الإجازات وتاريخ وفيات العلماء الذين أجازوا أو امتلكوا أو قرأوا وعلقوا، ويفحص مادة الكتاب ونظام فصوله وأبوابه، ليطمئن إلى أن النسخة كاملة لم تسقط منها أوراق في أولها أو وسطها أو آخرها، وملاحظة التعقيبة التي تكون في أسفل الصفحة اليمني، التي تدل على بدء الصفحة التي تليها، ويستدل بتتبع هذه التعقيبة على تَمام الكتاب وعدم اضطراب أوراقه، ويدرس خاتمة الكتاب ليقف على اسم الناسخ وتاريخ النسخ، وعن أي النسخ نقلت، وبعد هذه الدراسة الفاحصة لكل نسخة، تُرتَّب النسخ حسب أزمانها وصحتها وجودتها، وفق الترتيب الآتى:
الأول: أحسن النسخ التي تعتمد للنشر هي نسخة المؤلف التي كتبها بِخطه، وخاصة إذا كانت سالمة من النقص والتلف، وتكون هذه هي النسخة الأم، ويحسن أن تكون هذه النسخة كاملة، فيها عنوان الكتاب، واسم المؤلف، وجَميع مادة الكتاب، على آخر صورة كتبها المؤلف بنفسه، أو أشار بكتابتها أو أملاها أو أجازها، أو فيها ما يفيد اطلاعه عليها إقراره لها.
ويَحسن التثبت من أن نسخة المؤلف هي آخر تأليفه له؛ لأن من المؤلفين مَن يعيد تأليف الكتاب أكثر من مرة، وفي كل مرة يُضيف أو يَحذف ويعدل وينقح، فمن المنقول أن كتاب الياقوت لأبي عمر الزاهد
1 / 18