Waraabayaasha Buugaagta Timbuktu
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
Noocyada
أنذرت قطرات المطر الصحراوي الكبيرة بتحويل التربة الرسوبية إلى طين أحمر زلق في صباح يوم السابع والعشرين من يناير من عام 2013، عندما التقت مجموعة من الضباط الفرنسيين في المطار المهجور في جوندام، على بعد خمسين ميلا جنوب غرب تمبكتو. كان المبنى الوحيد الموجود في المطار هو كوخ متهدم بدون باب، وشبابيك مدلاة من مفصلاتها، لكنه كان لا بد أن يؤدي الغرض. كانت هذه هي القاعدة التي سيخططون منها لتقدمهم النهائي. رحب الكولونيل بول جيز، قائد مجموعة «جي تي آي إيه 1» القتالية المدرعة، التي كانت قد جاهدت طيلة الأيام الأربعة الماضية في السير على الطريق الصحراوي الممتد على الضفة اليسرى للنهر من باماكو، بالجنرال برنار باريرا، قائد عملية سيرفال، والكولونيل فريدريك جوت، قائد فوج طائرات الهليكوبتر. حيا جيز، وهو ضابط بحرية مفتول العضلات، رئيسه بابتسامة كبيرة وخيارين. قال: «جعة أم ويسكي؟»
كانت عملية سيرفال تجري في إطار زمني ضيق. عندما تلقى جوت الأوامر من المسئولين في باريس بالاستيلاء على تمبكتو بعد أقل من شهر من بداية التدخل، قال لهم إنهم «مجانين». منذ ذلك الحين لم يزدد الجدول الزمني إلا تسارعا؛ إذ كان هو ورجاله الآن يجهزون للهجوم على المدينة في الصباح التالي، بعد سبعة عشر يوما فقط من إطلاق أول طلقة فرنسية. بعدما هزموا في كونا، كان الجهاديون مستمرين في الانسحاب، لكن تقارير المخابرات الفرنسية اقترحت أنهم الآن سيصمدون. قال جوت، وهو رجل طويل القامة، ذو أسنان بيضاء متساوية: «في الشرح الأخير للمهمات أخبرونا بأننا سنلتقي ببعض الجهاديين؛ لذا كان الأمر مؤكدا لنا.»
كان الفرنسيون يعتبرون الجهاديين مقاتلين شديدي العناد: كانوا يقاتلون حتى آخر رجل منهم وربما كانوا يتعاطون جرعات من المخدرات. تذكر جوت: «عندما قاتلونا لم يبد عليهم أنهم يعانون.» ثم أضاف: «في أيامنا الأولى في الشمال، لم يتخلوا مطلقا عن مواقعهم. حتى عندما كانوا يواجهون الدبابات وطائرات الهليكوبتر بالكلاشينكوف فحسب، بقوا في أماكنهم.» قيل لجوت إنه قد ركبت مدافع رشاشة على أسطح منازل تمبكتو لتشكل وابلا مضادا للطائرات، وهو ما جعله مقتنعا بأنهم «سيخسرون بالتأكيد» بعض الطائرات والأفراد. قال: «كانوا منظمين، وكان لديهم القدرة على استخدام أسلحتهم، ولم يكن لديهم مشكلة في المعنويات، وكانوا مقتنعين اقتناعا تاما بمهمتهم.»
في الساعة الخامسة من عصر يوم الأحد، أعطى الجنرال باريرا الأمر بالتقدم. كان سيرتحل بصحبة رتل الجنود الفرنسيين والماليين المدرع بقيادة جيز، الذي كانت مهمته أن يستولي على مطار تمبكتو. في الوقت نفسه، صدرت الأوامر لطائرات الهليكوبتر بقيادة جوت بأن تستطلع الطرق وأن تهاجم أي شيء يمكن أن يعترض المجموعة القتالية. تحرك الرتل المدرع بسرعة أبطأ كثيرا مما كانوا يأملون؛ لأن الظلام كان سيحل بعد قليل وكان ثمة تهديد مستمر من حدوث هجوم بالعبوات الناسفة اليدوية الصنع: كانت الساعة الحادية عشرة مساء عندما وصلوا إلى مشارف المطار.
لم تستغرق طائرات الهليكوبتر وقتا في تغطية المنطقة، وعندما حل الغسق، رأى جوت المدينة لأول مرة. تذكر أنها بدت واهنة، وتكاد بحار الرمال المحيطة بها أن تبتلعها. كان من المستحيل ألا تلفت أكثر من عشر طائرات الأنظار هنا، وكان رجاله متوترين ومستعدين لإطلاق النار عليهم. كانت التقارير الأولى من الطيارين «مفصلة جدا ومجنونة»؛ إذ أخبره أحدهم بأنه يستطيع أن يرى دراجتين بخاريتين، وربما خمسة أو ستة أشخاص، وهو ما اعتبر أنه يمثل «تهديدا حقيقيا.» أخبره الكولونيل بأن يمتنع عن إطلاق نيرانه.
بعد بعض الوقت بات واضحا أنه لم يكن يوجد جهاديون في المدينة. بعث جوت بالخبر إلى لواء الفيلق الأجنبي الفرنسي، «جي تي آي إيه، 4» المحمول جوا الذي كان في انتظار إشارته. ومع اقتراب منتصف الليل، وبينما كان رجال جيز يشقون طريقهم عبر السياج السلكي الذي كان يحيط بمهبط الطائرات جنوب تمبكتو، أنزلت طائرات النقل مائتين من أشهر القوات الصحراوية في العالم إلى الرمال شمالا. كان هذا هو أكبر هبوط مظلي كانت العسكرية الفرنسية قد قامت به منذ أكثر من ثلاثين عاما.
عند الفجر نقل جوت قائد وحدة الفيلق الأجنبي إلى مطار تمبكتو ليعطي شرحا بالمهمات بشأن الهجوم النهائي. على الرغم من أنهم كانوا يعتقدون الآن أن تمبكتو خالية من مقاتلي العدو، فإن هذه لن تكون مهمة مباشرة: عرف الجنرال باريرا أن جنود الفيلق قد يبدءون في إطلاق النار إن رأوا جنودا ماليين مسلحين. قرر تقسيم المدينة إلى مناطق، وقال إن الوحدة التابعة للجيش المالي ستدخل مدينتها أولا.
كشأن الجميع في تمبكتو، عرف إير مالي ما كان يحدث. منذ تدمير محطة توليد الكهرباء، كانت المدينة في حالة من الإظلام شبه الكامل، وكان قد أمضى الأمسيات الماضية يشاهد الأضواء تتحرك بالخارج في الصحراء بينما كان الفرنسيون يجرون مناوراتهم. كان قد رأى قوات المظلات تهبط شمالا ، والرتل يصل إلى مؤخرة المطار حيث كان يوجد السياج السلكي. فكر في نفسه قائلا إنه في أي لحظة سيكون بمقدوره أن يرى العربات المدرعة الفرنسية تمضي في الطريق. ظل منتظرا، لكن لم يأت أحد بعد.
قبل الفجر بقليل، تخلى الناس عن حذرهم ومضوا إلى المساجد للصلاة. فقط عندما خرجوا من المساجد، وكانت الشمس تنشر ضوءا شاحبا، تمكنوا من تمييز أجساد أشخاص بعيدين يسيرون نحو المدينة. عندما اقترب الأشخاص أكثر، استطاع الناس أن يروا أنهم كانوا جنودا ماليين. كانت هذه هي أول قوات حكومية كانوا قد رأوها منذ عشرة أشهر طويلة.
ركب شباب المدينة دراجاتهم البخارية وسلكوا طريق كابارا للترحيب بالجنود ومرافقتهم إلى داخل المدينة. في الساعة العاشرة صباحا، وصل الفرنسيون وتجمهر الناس حولهم. كانت نساء المدينة يصنعن الأعلام سرا لأيام، وفي صباح ذلك اليوم بينما كانت القوات تدخل، اصطف مئات من الناس المبتهجين في الطرقات، يصيحون قائلين: «مالي! مالي! مالي!» و«شكرا فرانسوا هولاند!» ويلوحون بأعلام البلدين ثلاثية الألوان.
Bog aan la aqoon