322

Muharrar Wajiz

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Tifaftire

عبد السلام عبد الشافي محمد

Daabacaha

دار الكتب العلمية - بيروت

Daabacaad

الأولى - 1422 هـ

وطار الدم إلى الدم، والريش إلى الريش، حتى التأمت كما كانت أولا وبقيت بلا رؤوس، ثم كرر النداء فجاءته سعيا حتى وضعت أجسادها في رؤوسها، وطارت بإذن الله تعالى، وقرأ حمزة وحده: «فصرهن إليك» بكسر الصاد، وقرأ الباقون بضمها ويقال صرت الشيء أصوره بمعنى قطعته، ومنه قول ذي الرمة:

[الرجز] صرنا به الحكم وعنا الحكما ومنه قول الخنساء: [السريع]

فلو يلاقي الذي لاقيته حضن ... لظلت الشم منه وهي تنصار

أي تنقطع ويقال أيضا صرت الشيء بمعنى أملته ومنه قول الشاعر: [الوافر]

يصور عنوقها أحوى زنيم ... له صخب كما صخب الغريم

ومنه قول الأعرابي في صفة نساء هن إلى الصبا صور، وعن الخنا زور، فهذا كله في ضم الصاد.

ويقال أيضا في هذين المعنيين: القطع والإمالة. صرت الشيء بكسر الصاد أصيره، ومنه قول الشاعر:

[الطويل]

وفرع يصير الجيد وجف كأنه ... على الليت قنوان الكروم الدوالح

ففي اللفظة لغتان قرىء بهما، وقد قال ابن عباس ومجاهد في هذه الآية «صرهن» معناه: قطعهن، وقال عكرمة وابن عباس فيما في بعض ما روي عنه أنها لفظة بالنبطية معناها قطعهن، وقاله الضحاك، وقال أبو الأسواد الدؤلي: هي بالسريانية، وقال قتادة: «صرهن» فصلهن، وقال ابن إسحاق: معناه قطعهن، وهو الصور في كلام العرب، وقال عطاء بن أبي رباح: فصرهن معناه اضممهن إليك. وقال ابن زيد معناه اجمعهن، وروي عن ابن عباس معناه أوثقهن.

قال القاضي أبو محمد: فقد تأول المفسرون اللفظة بمعنى التقطيع وبمعنى الإمالة. فقوله إليك على تأويل التقطيع متعلق بخذ. وعلى تأويل الإمالة والضم متعلق بصرهن، وفي الكلام متروك يدل عليه الظاهر تقديره فأملهن إليك فقطعهن. وقرأ قوم «فصرهن» بضم الصاد وشد الراء المفتوحة كأنه يقول فشدهن. ومنه صرة الدنانير. وقرأ قوم «فصرهن» بكسر الصاد وشد الراء المفتوحة ومعناه صيحهن من قولك صر الباب والقلم إذا صوت، ذكره النقاش. قال ابن جني وهي قراءة غريبة وذلك أن يفعل بكسر العين في المضاعف المتعدي قليل، وإنما بابه يفعل بضم العين كشد يشد ونحوه. لكن قد جاء منه نم الحديث ينمه وينمه وهر الحرب يهرها ويهرها ومنه قول الأعشى:

ليعتورنك القول حتى تهره إلى غير ذلك في حروف قليلة. قال ابن جني، وأما قراءة عكرمة بضم الصاد فيحتمل في الراء الضم والفتح والكسر كمد وشد والوجه ضم الراء من أجل ضمة الهاء من بعد قال المهدوي وغيره وروي عن عكرمة فتح الصاد وشد الراء المكسورة.

قال القاضي أبو محمد: وهذه بمعنى فاحبسهن من قولهم صرى يصري إذا حبس، ومنه الشاة

Bogga 354