227

Muharrar Wajiz

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Tifaftire

عبد السلام عبد الشافي محمد

Daabacaha

دار الكتب العلمية - بيروت

Lambarka Daabacaadda

الأولى - 1422 هـ

وقوله تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل أمر يقتضي الوجوب، وإلى غاية، إذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها فهو داخل في حكمه، كقولك اشتريت الفدان إلى حاشيته، وإذا كان من غير جنسه كما تقول اشتريت الفدان إلى الدار لم يدخل في المحدود ما بعد إلى، ورأت عائشة رضي الله عنها أن قوله إلى الليل يقتضي النهي عن الوصال، وقد واصل النبي صلى الله عليه وسلم ونهى الناس عن الوصال، وقد واصل جماعة من العلماء وقد تقدم أن هذه الآية نسخت الحكم الذي في قوله كما كتب على الذين من قبلكم [البقرة: 183] على قول من رأى التشبيه في الامتناع من الوطء والأكل بعد النوم في قول بعضهم، وبعد صلاة العشاء في قول بعضهم، والليل الذي يتم به الصيام مغيب قرص الشمس، فمن أفطر وهو شاك هل غابت الشمس فالمشهور من المذهب أن عليه القضاء والكفارة.

وفي ثمانية أبي زيد: عليه القضاء فقط قياسا على الشك في الفجر ، وهو قول جماعة من العلماء.

وقال إسحاق والحسن: لا قضاء عليه كالناسي.

وقوله تعالى: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، قالت فرقة: المعنى لا تجامعوهن.

وقال الجمهور: ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء، وعاكفون ملازمون، يقال عكف على الشيء إذا لازمه مقبلا عليه، قال الراجز: [الرجز] عكف النبيط يلعبون الفنزجا وقال الشاعر: [الطويل]

وظل بنات الليل حولي عكفا ... عكوف البواكي بينهن صريع

وقال أبو عمرو وأبو حاتم: قرأ قتادة «عكفون» بغير ألف، والاعتكاف سنة، وقرأ الأعمش «في المسجد» بالإفراد، وقال: «وهو المسجد الحرام» .

قال مالك رحمه الله وجماعة معه: لا اعتكاف إلا في مساجد الجمعات، وروي عن مالك أيضا أن ذلك في كل مسجد، ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله.

وقال قوم: لا اعتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة التي تشد المطي إليها حسب الحديث في ذلك.

وقالت فرقة لا اعتكاف إلا في مسجد نبي.

وقال مالك: «لا يعتكف أقل من يوم وليلة، ومن نذر أحدهما لزمه الآخر» .

وقال سحنون: «من نذر اعتكاف ليلة لم يلزمه شيء» .

وقالت طائفة: أيهما نذر اعتكفه ولم يلزمه أكثر.

وقال مالك: «لا اعتكاف إلا بصوم» .

وقال غيره: يعتكف بغير صوم، وروي عن عائشة أنه يعتكف في غير مسجد.

وتلك إشارة إلى هذه الأوامر والنواهي، والحدود: الحواجز بين الإباحة والحظر، ومنه قيل

Bogga 259