Muharrar Wajiz
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Tifaftire
عبد السلام عبد الشافي محمد
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الأولى - 1422 هـ
بالزكاة المفروضة، والموفون عطف على من في قوله: من آمن، ويحتمل أن يقدر وهم الموفون، والصابرين نصب على المدح أو على إضمار فعل، وهذا مهيع في تكرار النعوت، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «والموفين» على المدح أو على قطع النعوت، وقرأ يعقوب والأعمش والحسن والموفون «والصابرون» ، وقرأ الجحدري بعهودهم، والبأساء الفقر والفاقة، والضراء المرض ومصائب البدن، وحين البأس وقت شدة القتال.
هذا قول المفسرين في الألفاظ الثلاثة، وتقول العرب: بئس الرجل إذا افتقر، وبؤس إذا شجع.
ثم وصف تعالى أهل هذه الأفعال البرة بالصدق في أمورهم أي هم عند الظن بهم والرجاء فيهم كما تقول: صدقني المال وصدقني الربح، ومنه عود صدق، وتحتمل اللفظة أيضا صدق الإخبار، ووصفهم الله تعالى بالتقى، والمعنى هم الذين جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية من العمل الصالح.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 180]</span>
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (178) ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون (179) كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين (180)
كتب معناه فرض وأثبت، والكتب مستعمل في الأمور المخلدات الدائمة كثيرا، وقيل إن كتب في مثل هذا إخبار عما كتب في اللوح المحفوظ وسبق به القضاء، وصورة فرض القصاص هو أن القاتل فرض عليه إذا أراد الولي القتل الاستسلام لأمر الله والانقياد لقصاصه المشروع، وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قتل قاتل وليه وترك التعدي على غيره كما كانت العرب تتعدى وتقتل بقتيلها الرجل من قوم قاتله، وأن الحكام وأولي الأمر فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود، وليس القصاص بلزام إنما اللزام أن لا يتجاوز القصاص إلى اعتداء، فأما إذا وقع الرضى بدون القصاص من دية أو عفو فذاك مباح، فالآية معلمة أن القصاص هو الغاية عند التشاح، والقصاص مأخوذ من قص الأثر فكأن القاتل سلك طريقا من القتل فقص أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك، والقتلى جمع قتيل، لفظ مؤنث تأنيث الجماعة وهو مما يدخل على الناس كرها فلذلك جاء على هذا البناء كجرحى وزمنى وحمقى وصرعى وغرقى.
واختلف في سبب هذه الآية، فقال الشعبي: إن العرب كان أهل العزة منهم والمنعة إذا قتل منهم عبد قتلوا به حرا، وإذا قتلت امرأة قتلوا بها ذكرا، فنزلت الآية في ذلك ليعلم الله تعالى بالسوية ويذهب أمر الجاهلية، وحكي أن قوما من العرب تقاتلوا قتال عمية ثم قال بعضهم: نقتل بعبيدنا أحرارا، فنزلت الآية،
Bogga 244