262
-لما قدم رسول الله ﷺ المدينة من بدل لم يقم إلا سبع ليالي حتى غزا بنفسه يريد بني سليم واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وهو من مشاهير الصحابة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم (١) . وكان لواؤه أبيض حمله علي بن أبي طالب ﵁. فبلغ رسول الله ﷺ ماء من مياههم يقال له (الكدر (٢» فأقام ﷺ ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا وارتفع القوم وهربوا وبقيت نعمهم فظفر بها ﷺ وانحدر بها إلى المدينة وقسمها بصرار على ثلاثة أميال من المدينة وكانت خمسمائة بعير. وكانت مدة غيبته خمس عشرة ليلة

(١) ابن أم مكتوم هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم. مؤذن رسول الله ﷺ. أمه أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم وهو ابن خال خديجة بنت خويلد فإن أم خديجة ﵂ فاطمة بنت زائدة بن الأصم. هاجر إلى المدينة واستخلفه رسول الله ﷺ على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته على الصلاة فقط لأنه كان أعمى وقضاء الاعمى غير صحيح. وشهد ابن أم مكتوم فتح القادسية ومعه اللواء. قيل أنه قتل بالقادسية شهيدا وقيل أنه رجع إلى المدينة فمات بها. وهو الأعمى الذي ذكره الله ﷾ في كتابه في قوله ﴿عبس وتولى أن جاءه الأعمى﴾ وأجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول ﵊ وأجمعوا أن الأعمى هو ابن أم مكتوم. أتى رسول الله ابن أم مكتوم وعنده صنادين قريش يدعوهم إلى الأسلام رجاء ان يسلم باسلامهم غيرهم فقال للنبي ﷺ اقرئني وعلمني مما علمك الله وكرر ذلك فكره رسول الله قطعه لكلامه وأعرض عنه فنزلت هذه الآية. وكان رسول الله ﷺ إذا رآه يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول هل لك من حاجة، ولا شك أن في استخلافه للمدينة اكراما له. (٢) الكدر جمع أكدر قرقرة القدر. قال الواقدي. بناحية المعدن قريبة من الأرحضية بينها وبين المدينة ثمانية برد. وقال غيره ماء لبنى سليم.

1 / 262