Maxamed Iqbal: Siiradiisa iyo Falsafadiisa iyo Maansadiisa

Cabdi Wahaab Cazzam d. 1378 AH
214

Maxamed Iqbal: Siiradiisa iyo Falsafadiisa iyo Maansadiisa

محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره

Noocyada

ويبدو أن لهذا الاعتراض سببين؛ الأول: أن إقبالا لم ينشأ في بيئة فارسية. فالفارسية ليست لغته، ولكن اكتسبها بالدرس، وطول النظر في دواوين شعرائها. فاستوى عنده ما استعمله شعراء الفرس القدماء وما استعمله المعاصرون منهم. فرأى بعض النقاد في بعض شعره مخالفة للغة العصر وأسلوبه.

والثاني: أن اللغة الفارسية استوطنت الهند قرونا ، ونشأ فيها أدباء ونبغ شعراء لهم بيئتهم وأحوالهم. وهي تخالف بيئة شعراء إيران وأحوالهم، فنشأت في الهند لغة أدبية تخالف مخالفة ما لغة الأدب في إيران.

فأما السبب الأول فلا حرج على إقبال أن يأخذ من كبار شعراء الفارسية في كل العصور، ويسعه ما وسع هؤلاء الشعراء، ولا يضيره ألا يكون شعره مسايرا الشعر الفارسي العصري كل المسايرة في لفظه وتركيبه وسياقه.

وأما السبب الثاني ففيه اعتراض باصطلاح بيئة على اصطلاح بيئة أخرى. وقديما قال علماؤنا: لا مشاحة في الاصطلاح.

وأما أن لشاعرنا العظيم تركيبات لم تؤثر في الأدب الفارسي، فقصاراه أنه ابتكر عبارات في الفارسية. والرجل له فلسفة مبتكرة، وآراء مبتدعة روض لها الشعر وذلله. فلا عجب أن يضع ألفاظا مفردة لمعان محدثة أو يحرفها عن معانيها قليلا، ولا غرو أن يصوغ تركيبا أو تعبيرا بدعا لمعانيه المبتدعة.

ولإقبال الفخر أنه ابتدع وجدد في المعاني والألفاظ والعبارات، ويزيده فخرا أنه نقل ألفاظا من معان إباحية مبتذلة تتصل بالخمر والسكر واللهو والخلاعة وما إليها من الألفاظ التي شاعت في الأدب الفارسي فهوت به، نقل هذه الألفاظ إلى معان روحية عالية واسعة لا تحدها حدود المادة. كما رد إلى معانيها الأولى ألفاظا تجوز فيها الشعراء، فلبسوا على الناس مذاهبهم كالكفر والدين والدير والحرم والكعبة.

وفضل إقبال الأعظم وفخره الأكبر أنه أودع اللغة الفارسية هذه الثروة من الفلسفة العالية، والآراء السديدة، وذللها للشعر، ويسرها للمتأدبين. وما أعظم حظ اللغة التي يختارها إقبال لشعره. فهل يؤخذ على مثل هذا الفيلسوف الشاعر أنه خرج بألفاظ عن معانيها، أو استعمل عبارات غير مألوفة في لغة العصر، أو اخترع تركيبات غير مأنوسة في الأدب الفارسي. وهل عمل النابغين إلا الخلق والاختراع والتجديد والتصحيح في الأفكار العامة ثم في المعاني الجزئية والألفاظ والأساليب؟!

إن من يعيبون الشاعر العظيم بهذا يغضون عن جناته وعيونه، ويصدفون عن أزهاره ورياحينه، ولا يبصرون إلا شوكة في غصن ورد أو ورقة ذابلة في شجرة ناضرة، كالذي نظر في ترجمة رسالة المشرق وضرب الكليم إلى العربية فعبس وبسر، وأعرض عن النظم الرائق، والسبك الرائع، وذهب يلتمس رباعية جعلتها مثالا للقافية المردوفة في اللغة الفارسية، وأنا أعلم أنها غير مألوفة في العربية، وقال هذه لا تمثل نفس إقبال، وكأني لم أترجم من شعر الشاعر إلا هذه الرباعية. وما للإنسان حيلة فيمن يرون كلف البدر ولا يبصرون نوره، والذين يعيبون الجواد المطهم الأشهب بشعرات سود في ذيله ولا يعجبون بشيء من محاسنه. وليت شعري متى يقرأ المتأدبون بآداب الإسلام قول القرآن الكريم:

ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين .

لقد صدق إقبال حين قال في رسالة المشرق:

Bog aan la aqoon