190

Muhammad: His Life Based on the Earliest Sources

محمد ﵌ في مكة

Daabacaha

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

أما أعضاء الفئة الثالثة (الذين اعتبروا ضعفاء)، فيكاد يكون مؤكدا أنهم أكثر تأثرا بأوضاعهم غير الامنة داخل العشائر وخارجها، أكثر من تأثرهم برغبتهم فى الحصول على أية مزايا اقتصادية أو سياسية. واذا كانت هناك امال واضحة للاصلاح لدى المسلمين الأوائل، فلا بد أن نتلمسها فى الفئة الثانية. وقد تناولت الايات القرانية التى نزلت فى مرحلة مبكرة عن أمور مثل عظمة الله سبحانه وعناصر رسالة الاسلام (التى تحدثنا عنها فى الفصول السابقة) مرتبطة بالموقف العام لأهل مكة فى هذه الفترة. وليس مما يدعو للدهشة اذن أن ينجذب بعض الرجال لرسالة الاسلام- فى المقام الأول- من خلال مضامينه السياسية والاقتصادية. وان كان أمرا بعيد الاحتمال وجود عدد كبير ممن أسلموا كانوا واعين بهذه الأبعاد الاقتصادية والسياسية، ومحمد ﷺ كان مؤسس دين جديد ولم يكن بأية حال مجرد مصلح اجتماعى، وان كنا لا نؤكد كثيرا على نفى مهمته الاصلاحية الاجتماعية «٢٤» . ويمكن أن نصف الأوضاع بمصطلحاتنا المعهودة فنقول، انه بينما كان محمد ﷺ واعيا بالعلل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية لعصره وبلاده، فانه اعتبر الجانب الدينى هو الجانب الأساسى وركز عليه. فهذا- أى الجانب الدينى- هو الذى يقرر روح المجتمع الشاب، فتناولت المجموعة الصغيرة عقائدها الدينية وشعائرها بجدية مفرطة. وخلال الحقبة المكية انشغل النبى أساسا بما فرض عليه من أمور سياسية خاصة معركته مع المعارضين له التى أصبحت أكثر مرارة، وأصبحت قضية نبوة محمد ﷺ هى القضية المحورية. ولم تكن المسائل السياسية والاقتصادية (فى حالة تناولها مباشرة) لتصلح لتلعب أى دور فى التحول للاسلام، فعلى الدين وبالدين يجمع الناس حول الاسلام. وان كان هذا لا يمنعنا من القول، ان محمدا ﷺ والواعين من أتباعه لا بد أنهم كانوا مدركين للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لرسالته، وادراكهم هذا أدى الى أن يضعوا ذلك فى اعتبارهم عند توجيه أمور المسلمين.

(٢٤) C.Snouck Hurgronjes review of H.Grimmes Mohammed in Verspreide Geschriften، ١، ٣١٩- ٣٦٢.

1 / 192