Maxamed Cali Janaax
القائد الأعظم محمد علي جناح
Noocyada
إننا لا نراه بيننا الآن، ولكن شعره المقتبس من معدن الخلود يقيم على الدوام معنا ليهدينا ويوحي إلينا، وهو بجمال نظمه وحلاوة لفظه يصور لنا عقل الشاعر العظيم وقلبه؛ فنرى في هذه الصورة مبلغ إخلاصه لآداب الإسلام.
وما كان إقبال بالواعظ أو الفيلسوف وكفى، بل كانت تتمثل فيه مع التفكير والإلهام مزايا الشجاعة والعمل والثبات والاعتماد على النفس والإيمان قبل كل شيء بالله والإخلاص للدين، وكانت تتلاقى في نفسه آمال الشاعر المثالية وسليقة الرجل الذي ينظر إلى وقائع الأمور، وبهذا يتجلى لنا مسلم حق الإسلام ...
وقال عن دعوة السلام من خطاب في أغسطس سنة 1938: ... في كل بلد مخرفون يقولون: إنهم وقوف إلى جانب قضية السلام ... وما من شيء أريده كما أريد أن يعم السلام الشامل أرجاء الكرة الأرضية، فلا يكن في الدنيا حرب ولا يكن هناك غير الرخاء والأمان، وليس من ناحيتي اعتراض على إلغاء الحروب جميعا في كل مكان، غير أننا فيما نحن بصدده لا نناقش أولئك السادة الموقرين أنصار السلام، فليست المسألة في رأيي مسألة إيمان بالسلام أو كفر بالسلام؛ لأن المطلوب منا أن ننقذ رقابنا حين يحيق بنا الخطر، وما يدور في نفسي لحظة أن أصيب أحد بأذى، وما أريد إلا أن أكون إنسان خير مفرطا في الخير، ولكنني لا أضمن من أجل هذا أن يكون الناس جميعا خيرين، وألا يكون فيهم أحد يؤذيني أو يطوي النية على إيذائي، فليست المسألة سلاما أو لا سلام، وإنما هي دفاع أو لا دفاع، هذه هي مسألة اليوم، وجوابي أنا عليها الدفاع ...
واقترح عليه غاندي أن يجتمعا للبحث في مشكلة الوحدة والانفصال، فقال غاندي في أول لقاء: إنه ينوب عن نفسه ولا ينوب عن هيئة سياسية، ولم ير جناح نفعا في مباحثة يتقيد بها ويقيد العصبة الإسلامية معه ولا يتقيد بها غاندي ولا المؤتمر، وعلق على ذلك في خطاب ألقاه بمدينة بومباي (1945) قال فيه:
إنه لا يقنع بمهمة المستشار للمؤتمر ولجنته العاملة، بل يقيم نفسه مستشارا ناصحا للحاكم العام ومن ورائه الأمة البريطانية، وتنعقد اللجنة العاملة صباحا ومساء وهو الروح الملهمة وراءها، وهو مع هذا يروقه أحيانا ألا يمثل أحدا فلا يمثل أحدا، ويصبح فردا لا صفة له غير صفته الفردية، ولا يعتبر في هذه الحالة عضوا كأولئك الأعضاء الذين يمثلون المؤتمر بحق الدريهمات التي تخولهم الاشتراك فيه، وينزل بنفسه إلى مرتبة الصفر ليستلهم صوته الباطن ... أما إذا راقه أن يكون غير ذلك فهو السيد المطلق في المؤتمر، وهو بهذه المثابة ينوب عن الهند بأسرها.
وعاد إلى هذه الدعوى في اجتماع مجلس العصبة (28 يوليو سنة 1946) فقال:
إن مستر غاندي يتخذ من نفسه اليوم مستشارا ناصحا للجميع، يقول: إن المؤتمر يمثل الهند بأسرها، وإن المؤتمر هو الوصي الأمين على أبناء الهند قاطبة، وإنها لمرتبة هائلة تلك التي يبتغيها، ولقد كفانا ما ابتليناه من الوصي الأمين الذي تسلط علينا مائة وخمسين سنة، فما نحب أن نستبدل به وصايا المؤتمر، لقد كبرنا وبلغنا رشدنا، فلا وصاية على الأمة الإسلامية لغير الأمة الإسلامية.
ولم يكن أسلوبه أن يقابل التهديد بالمزايدة في التهديد مرضاة لسورة النفوس التي يعجبها هذا الأسلوب، فلما عرض عليه الصحفيون خطاب السردار باتل وسألوه رأيه فيه قال: «إن السردار باتل رجل قوي كما وصفوه فلا جرم يعمد إلى اللغة القوية، إلا أن الكلمات لا تكسر عظما، فإذا كان يعني بقوله له: «إننا أعددنا السيف للسيف» أن الكثرة ستذبح القلة في أرجاء الهند فتلك طلعة بشعة. وغاية ما أقوله إنه على ما يظهر لا يدرك أن كل من يحرض هذا التحريض فهو أعدى الأعداء لكل طائفة ...»
وتصدى له الشيوعيون ليكرهوه على قبول مطالبهم باسم القومية فقال:
يلوح لي أن أمهر طائفة تبث دعوتها هي معشر الشيوعيين. إنهم قد أكثروا من الرايات التي يستظلون بها وأخالهم يحسبون أن البركة في الكثرة (ضحك) ... إنهم يرفعون الراية الحمراء، ويرفعون الراية الروسية، ويرفعون راية الجماعات السوفيتية، ويرفعون راية المؤتمر، ويتفضلون الآن فيستعيرون منا رايتنا راية العصبة الإسلامية، وإذا جمعت فئة كل هذه الرايات معا فمن حقنا أن نتوجس ونحذر، إنهم يصيحون يطلبون اتفاقا بين العصبة والمؤتمر فسامحهم الله من الذي يطلب غير ذلك؟ إنما السؤال هو: على أي أساس يكون الاتفاق؟
Bog aan la aqoon