Maxamed Cali Janaax
القائد الأعظم محمد علي جناح
Noocyada
فقال جناح وعلى فمه ابتسامة: «فأي سؤال بعدها تسأل؟»
قال الصحفي: «أول سؤال اقتصادي: فهل المسلمون عسيون أن يصبحوا أغنى أو أفقر بعد قيام الباكستان؟ وهل في نيتكم فرض مكوس بينكم وبين أرجاء الهند الأخرى؟»
وأعرض جناح عن الجواب ليسأل كما قال على سبيل التغيير: «هبهم سألوك ماذا تفضل: إنجلترا غنية في حكم الجرمان أو إنجلترا فقيرة في حكم نفسها؟»
فأجاب الصحفي قائلا ومعرضا أيضا عن الجواب: «قلما أحتاج إلى جواب.»
فعاد جناح يقول: «أولست ترى إذن أن سؤالك سمل مرجوع؟ إن المثل الأعلى أمامنا أرفع من المتاع الشخصي والراحة الموقوتة، والمسلمون أمة مخشوشنة دءوب صابرة، فإذا كان قيام باكستان وشيكا أن يزيدهم قليلا من الدأب والنحافة فلا شكاية، ولكن ما بالها تزيدهم دأبا ونحافة؟ وماذا هناك مما يوحي الظن بأن هبة القومية ستوقر كواهل الأمة من جانب الثروة الاقتصادية؟ إن أمة مستقلة عدتها نحو مائة مليون، قلما يقع في الخاطر، وإن كانوا عاجلا لا يملكون كفايتهم ولا يحسنون الصناعة، أنهم يصيرون إلى حال أسوأ من حالهم وهو مبعثرون غير منظمين تحت سيادة مائتين وخمسين مليونا يستغلونهم، وإنه لما يعييني تصورا أن يقال: إن الباكستان استحالة اقتصادية بعد معاهدة فرساي، فإن الأدمغة الكبار التي قطعت في أوروبة قطعا مشتتة مزرية بين حدود ملفقة متقاطعة لهي آخر من يحق لها أن تكلمنا في مصاعب الاقتصاد، وهي لدينا أيسر من ذاك ...»
إنها إذن مهمة غير سهلة وغير ممهدة، وليست هي كذلك في رأي صاحبها، ولا في رأي أحد من المتطلعين إليها من داخلها أو خارجها، ولكن الباكستان ينبغي أن توجد ولو كانت المصاعب التي تعترضها مائة ضعف مصاعبها؛ لأن وجودها واجب لا محيد عنه، وبهذا المعيار يوازن جناح بين كفة المصاعب وكفة الواجب، أما سائر ما في الحديث المتقدم من الموازنات بين الأزمات والحلول في إقامة الدول الناشئة شرقا وغربا؛ فهو آية أخرى على القضية التي تهيأت لصاحبها، وتهيأ للاضطلاع بها على بعدها من السهولة ومن التمهيد.
أسرته وطفولته
أسرة القائد
أسرته من أصل برهمي، وقد أسلم أحد أجداده منذ قرن متحولا من البرهمية إلى النحلة الإسماعيلية، وهي نحلة لها دعاة عاملون ذوو نشاط وذكاء عملوا في الهند الغربية وعلى حدودها منذ ألف سنة، وكان من دعاتهم في تلك البقاع قبل ألف سنة والد الفيلسوف ابن سينا كما هو معلوم.
وكأنما شاءت الأقدار أن يكون جناح بتاريخه وتاريخ أسرته حجة قائمة على الحقيقة العظمى في تكوين النفس الهندية، وهي أن الدين قد شغل في هذه النفس مكان كل عاطفة عامة: شغل فيها مكان الوطنية والعصبية والجامعة القومية، وصبغ فيها الأفكار، والأذواق، والآداب العملية، والنظرية بصبغته؛ فهو طبيعة أخرى كالطبيعة التي تركبها الفطرة في بنية الجسم والضمير.
Bog aan la aqoon