133

Muhalla Bi Athar

المحلى

Tifaftire

عبدالغفار سليمان البنداري

Daabacaha

دار الفكر

Goobta Daabacaadda

بيروت

حَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ السِّبَاعِ وَهَذَا مَا لَا انْفِصَالَ لَهُمْ مِنْهُ أَصْلًا وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ حُكْمِهِمْ أَنَّ مَا كَانَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فَهُوَ النَّجَسُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ تَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَيْتَةَ وَبَيْنَ تَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّمَ؟ فَمِنْ أَيْنَ جَعَلْتُمْ النَّجَاسَةَ لِلدَّمِ دُونَ الْمَيْتَةِ؟ وَأَغْرَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيْتَةَ لَا دَمَ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ بِكُلِّ وَجْهٍ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ، لِأَنَّهُ رَأَى التَّيَمُّمَ أَوْلَى مِنْ الْمَاءِ النَّجِسِ. فَوَجَبَ أَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ لَيْسَ مُتَوَضِّئًا، ثُمَّ لَمْ يَرَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ عِنْدَهُ مُصَلٍّ بِغَيْرِ وُضُوءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ جَارٍ، فَسَوَاءٌ الْبِئْرُ وَالْإِنَاءُ وَالْبُقْعَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ رَطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ، بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ كُلُّ نَجَسٍ وَقَعَ فِيهِ وَكُلُّ مَيْتَةٍ، سَوَاءٌ مَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ، كُلُّ ذَلِكَ مَيْتَةٌ نَجِسٌ يُفْسِدُ مَا وَقَعَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ نُجِّسَ كُلُّهُ وَحُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ، كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ صَاحِبُهُ: جَمِيعُ الْمَائِعَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ، إذَا كَانَ الْمَائِعُ خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ رَطْلٍ يُنَجَّسُ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - وَهُوَ الْوَاجِبُ وَلَا بُدَّ عَلَى أَصْلِهِ - فِي أَنَّ إنَاءً فِيهِ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرَ أُوقِيَّةٍ فَوَقَعَ فِيهِ نُقْطَةُ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ نَجَاسَةٍ مَا فَإِنَّهُ كُلَّهُ نَجِسٌ حَرَامٌ وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ فِيهِ أَثَرٌ، فَلَوْ وَقَعَ فِيهِ رَطْلُ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ نَجَاسَةٍ مَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهَا فِيهِ أَثَرٌ، فَالْمَاءُ طَاهِرٌ يُجْزِئُ الْوُضُوءُ بِهِ وَيَجُوزُ شُرْبُهُ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي «غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَهَرْقِهِ»، «وَبِأَمْرِهِ ﷺ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ بِغَسْلِ يَدِهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، «وَبِأَمْرِهِ ﷺ الْبَائِلَ فِي الْمَاءِ أَلَّا يَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَلَا يَغْتَسِلَ»، وَبِقَوْلِهِ ﷺ: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَقْبَلْ الْخَبَثَ» .

1 / 153