Heshiiska Saddex-geesoodka ah ee Boqortooyada Xayawaanka
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
Noocyada
كلكم تعلمون أننا الآن في احتياج كلي إلى التكاتف والاتحاد؛ فالكهربائية عدوتنا اللدودة قد ظهرت في هذه الأيام، والبخار والهواء المضغوط جعلا خدماتنا للهيئة الاجتماعية أمورا ثانوية، فكم من أعضاء جمعياتنا يخدمون إله البطالة الآن، ولا يستطيعون أن يجدوا شغلا أنفع يشغلهم، فالعالم قادر على أن يستغني عنا إلا إذا استبدلنا الضعف بالقوة، وجمعنا كلمتنا، واستبدينا في أمورنا عندئذ نعامل العالم كله بالمثل، ونعلن استقلالنا فيعرف الناس إذ ذاك أن خدماتنا للهيئة الاجتماعية، ولو كانت أغلى من الكهربائية والبخار فهي أنفع وأحسن؛ لأنها أقل خطرا، وأكثر ثباتا، ويستطيع أن يتمتع بها كل مخلوق غنيا كان أم فقيرا، ضعيفا أم قويا، حقيرا أم عظيما، أما الآن فكم هي الآفات التي تكتنفنا، وتتهدد وجودنا؟ أمعنوا النظر في الترقي الحاضر - الترقي الشيطاني القتال - تجدوا أن باب الارتزاق في المدن قد سد في وجوهنا، فالأرتال تجرها الكهربائية، والعربات يجرها البخار، والأحمال الثقيلة ترفع وتنقل بالاسم بقوتنا، وبالفعل بقوتي البخار والكهربائية. وفي الشهر الماضي قامت شركة كبيرة ضد الخيل التي كانت تجر التراموي، وأخرجت من خدمتها ألف حصان قوي، وقامت شركة أخرى في إسبانيا مؤخرا وقتلت الوفا من الحمير التي أفسدها الخمول والكسل، والبغال في روسيا في انحطاط عظيم، ومع أن جمعية الحمير معززة في إسبانيا فهي لا تقوى على أعدائها الجبابرة، والحكومة الإفرنسية قرأت للعالم في هذا الجيل صفحة من تاريخها في أواخر الجيل الثامن عشر، وبضربة واحدة استأصلت الحمير، وأبادت جمعياتهم، أليست هذه المقاومة كلها نتيجة الاختراعات الجديدة، والقوات الكهربائية الحديثة؟ قلت: إن أبواب الارتزاق قد سدت أمامنا في المدن، فهل تظنون أن حالتنا في القرى أحسن؟ أليس الفلاح مستغنيا عنا؟ ألا يحرث أرضه بالآلات الميكانية والبخارية التي ظهرت في أواخر هذا الجيل؟ الزراعة بالآلات، والحصاد بالآلات، والخيل على خالقها؟ زمان مدلهم، مستقبل مكفهر، وحياة مرة ذليلة، قاتل الله الأوتوموبيل وأحرق في الجحيم مخترعه، فهذه الآلة وحدها رمت في عالم البطالة الغير المتحرك الوفا من الجياد القوية، وقد سقطت أسعارها الآن، وكثر عددها، فصار يقتنيها كل إنسان فقيرا كان أم غنيا. هذه حقائق تؤلم وتحزن، وإذا دام هذا الحال يضمحل لا شك جنسنا، وتتلاشى جمعياتنا، ألسنا نحن الذين سلط الله الإنسان علينا فقلبنا الآية بمهارتنا، وتسلطنا عليه في القرون الغابرة؛ قرون الحصان والحمار والبغل، قرون لم تبرق فيها الكهربائية، ولم يعتم بأفقها البخار.
قد تمتعتم بلذة السلطة، وذقتم حلاوة العز والاستبداد، فكنتم تجرون الشعب في العربات المقدسة العظيمة إلى حيث شئتم، وكان إذ ذاك الله الحوذي، كنتم إذا نقمتم على الجمال تشنون عليهم الغارة، فتزحفون على معاقلهم بألوف من الحمير والبغال، يقودهم حمار قصير أعمى يمتاز عن إخوانه بشهنقته الفصيحة، كان إذ ذاك الله الحوذي، أما الآن فلا عربة ولا حوذي، فقد هجرنا الهناء، وحرقتنا الكهربائية بشرارها. وإذا كان قد بقي بعضنا في خدمتنا القديمة، فلا يعامل قط كما كنا نعامل في الماضي، فإذا وقفنا أمام العربة، وشمسنا أو كبونا أو حرنا هز لنا الحوذي الظالم سوطه، هذه هي نتيجة ضعفنا، فالناس ينظرون إلينا، ويجدوننا متخاصمين، فيزدرون بنا ويذلوننا، وفي النهاية يطردوننا من بيوتهم وإسطبلاتهم، فتأملوا يا أسيادي في هذه الحالة، يوجد في جمعيتنا الآن خمسة آلاف حصان بطالين طردوا من مراكزهم؛ لأن أصحابهم يفضلون خيل الكهربائية على خيل الله، فمن أين يأكل هؤلاء المساكين؟ فلو لم تكن الحروب قائمة أبدا على قدم وساق بين تابعي الأسد والبرابرة لكانوا يموتون جوعا، فيفسد الهواء من نتانتهم، فقد بعثنا في الأسبوع الماضي ألفي حصان إلى الصين، وألفي حصان إلى الترانسفال فتستخدمهم هنالك الدول البشرية لغاياتها الدنيئة، وهم لا يعبئون بذلك؛ لأنهم يختالون مضطرين، ويداهنون مكرهين، من منا يموت شهيد مبدئه في هذه الأيام؟ فمن كان بأشد الحاجة إلى المال يخدم من يستأجره بأجرة كبيرة، ونحن لا نلومهم بل يجب أن نلوم أنفسنا؛ لأننا غافلون عن مصلحتنا، لاهون بالانقسام، تائهون في فيافي الأوهام ومهامه التخيلات، وها أنا الآن ألقي عليكم سؤالا صغيرا: هل تريدون أن تعيدوا سلطتكم، وتعززوا أنفسكم؟ هل لكم أقل مطمع في هذه الحياة؟ فإذا كان ذلك فعليكم بالاتحاد، عليكم بالتحالف، ولننس اختلافاتنا الصغيرة، ولنذكر أننا كلنا من طائفة واحدة، ومن نوع حيواني واحد، جمعياتنا مشتقة بعضها من البعض، والمرجع كله إلى أصل واحد نتبع معلما واحدا نعبده، ونحبه فوق كل شيء، ولا يهم إن أحب الحمير الأم أكثر من الابن، أو الأب أكثر من الابن، فلا يجب أن نختلف ونتناقش على مسائل وهمية لا دخل لها في شرائعنا، فهل قال لنا الأسد - له المجد - أن نعبده بطريقة مخصوصة؟ هل أمرنا بأن نتخاصم بسبب دمه وجسده؟ هل يهمه إن عبدناه رأسا أم بواسطة الصور والتماثيل؟ نعم قد حثنا لا بل قد أمرنا بمحبة بعضنا بعضا، حتى إنه قال: حبوا أعداءكم، فلماذا إذن لا نعمل بقوله هذا، ونهمل ما لم يقل لنا عنه شيئا. نعم يا أسيادي قد تفكرت كثيرا في هذه الاختلافات، ووجدت بعد الدرس المتواصل أن الأسد لم يقل لنا عنها في كتابه شيئا، ولذلك تحققت أنه لا يريدها، وأظن أنه يتألم إذا رآنا نقاتل بعضنا بعضا، فالاختلافات هذه لم يولدها إلا مطامع من تقدمنا من القواد، إنها والحق يقال بنت تلك المجامع الشريرة التي عقدها أجدادنا في الأجيال الأولى؛ ليقفوا كما كانوا يزعمون على تفسير حقيقي لأقوال الأسد التي لا يوجد في كتب الفلسفة والحكمة أبسط منها، وكلكم لا شك تعلمون ما كان لهذه المجامع من التأثير السيئ على العالم عموما وعلى جمعيتنا خصوصا.
تعلمنا شريعتنا نكران الذات، ونحن لا ننكر إلا قريبنا، تعلمنا محبة العدو ونحن لا نحب إلا أنفسنا، تعلمنا التقشف والابتعاد عن حطام الدنيا ونحن أكثر الحيوانات تمسكا بها، ثم نفسر آيات الكتاب بصورة تساعدنا على مطامعنا، فنحن نعلم حق العلم أن أجدادنا ومعلمي الجمعية الأولين أخطئوا في مجامهم، وقد ارتكبوا جرائم فظيعة في تفسير شيء واضح، فأي مجمع عقد في الأجيال الأولى، ولم يحدث فيه الضرب والقتل والذبح. إن تلك المجامع لم تكن إلا مجامع مهاترة، وسباب وتعيير، فيها كانت تدور المناقشات المنطقية، والجدالات اللاهوتية المبهمة التي لا يفهمها عاقل، اسمعوا ما قاله أحد الحمير العلماء عن هذه المجامع الباطلة: «وأراني مضطرا إلى قول الحق عن هذه المجامع، فأنا أتشاءم من كل مجمع أحبار؛ لأنني لم أر حتى الآن نتيجة حسنة لواحد منها، ولم أحضر مجمعا واحدا كانت منافعه أكثر من أضراره، فعاقدو المجامع عوضا عن أن يقمعوا زعماء الشر كانوا يزيدونهم شرا وتمردا، فالمناقشات المنطقية، والجدالات اللاهوتية الفارغة كانت سائدة في كل اجتماعاتهم». وهذا كلام أحد أعضاء الجمعية الذي لا ريب في صحته؛ إذ لا نقدر أن نتهمه بالتعصب والتحزب لغايات ذاتية، ومما يدلنا على ضعف أولئك الرؤساء وخمولهم ما نقرؤه في الملحق لوقائع المجمع الأول العظيم، جاء فيه أن أعضاء المجلس لما لم يستطيعوا أن يميزوا الكتب الحقيقية من الكتب الكاذبة وضعوها جميعها على طاولة وخلطوها، ثم أخذوا يتوسلون إلى الروح القدس طالبين أن تسقط الكتب الكاذبة على الأرض، وتبقى الصحيحة على الطاولة بأعجوبة، وهكذا صار كما يزعمون، لا تظنوا أن إيماني في الروح القدس فاتر، كلا غير أن الله - عز وجل - أعطانا عقولا نستنير بها، ونميز بين الحقيقة والوهم.
فهل تريدون أن يقال عن مجمعنا هذا ما قاله ذاك الحمار عن المجامع القديمة، كان أجدادنا يجتمعون ليقاوم بعضهم بعضا، وينتقموا من الذين كانوا يظنونهم منشقين، وقد فاتهم - برد الله ثراهم - أن في مقاومة المنشقين مقاومة لأنفسهم، أما نحن فنجتمع الآن لنقاوم قوات الشر الحقيقية؛ القوات التي ظهرت نتائجها، وأثرت كثيرا في مصالحنا، فصرنا نشعر بالتقهقر، ونحس بالسقوط، نعم إن البرهان على تقدم أعدائنا برهان حسي لا يجهله إلا كل متغفل خامل، ولا حاجة للقول إن اجتماعنا هذا على جانب عظيم من الأهمية، وسيدون التاريخ أعمالنا بماء الذهب إن شاء الله. وإذا كانت حيوانات هذه الجيل لا تقدر مشروعنا حق قدره، فهذا لا يحولنا عن القيام به تاركين الحكم لذريتنا. العالم كله يتقدم وليس من الواجب أن نبقى نحن متشبثين بأغلاط أجدادنا الغير المقصودة؛ فهم أورثونا الشقاق والخصام، ونحن نورث أبناءنا المحبة والوئام، أضاع أولئك المساكين أوقاتهم في المناقشة الفارغة، ونحن نصرف هممنا إلى القيام بالمشاريع المفيدة، فكيف نستطيع أن نرهب أعداءنا ونسود عليهم، إذا كان لا يمكننا أن نجمع كلمتنا، ونرتبط مع بعضنا برابطة الشريعة والجنس. قد أخطأ أجدادنا، فهل من الواجب علينا أن نقتفي أثرهم، ونرتكب الجرائم التي ارتكبوها، فلنبتعد عن المناقشات المنطقية، والجدالات اللاهوتية، ولننظر في أمر واحد فقط، هل يجدينا انقسامنا على أنفسنا نفعا؟ هل نستطيع الوقوف أمام القوات الكهربائية والبخارية ونحن منقسمون، ألا نسحقها سحقا إذا جمعنا قوتنا المالية والعلمية، وضممنا قدرتنا، وجعلنا من جمعياتنا كلها جمعية واحدة عمومية؟ اطردوا من عقولكم كل التعصب والأميال الدنيئة، واذكروا أنكم كلكم من تبعة الأسد العظيم، وأبناء الإله الواحد القدير، فلا حمار ولا بغل ولا جواد ولا كدبش بيننا، بل كلنا حيوانات نتحد بالمذهب، ونشترك بالجنسية، ونرفع رءوسنا تحت سماء واحدة، ويجري في عروقنا الدم الذي يجري في عروق إخواننا، وتشرق على مراعينا شمس واحدة، ما بالنا إذن لا ننظر إلى سوء حالتنا، ونعمل على تحسينها، نحن كلنا نعبد إلها واحدا، ونتنفس هواء واحدا، فلماذا إذن لا نتخذ الوسائط الفعالة لملافاة أسباب سقوطنا.
كونوا متيقظين، واصرفوا عنكم الضربة قبل أن تنزل عليكم «درهم وقاية أفضل من قنطار دواء»، إن القوات الكهربائية تضر بصالحنا، فيجب علينا أن نحطمها تحطيما، يجب أن نبقيها في قلب الأرض، وكيف يتسنى لنا إتمام ذلك، بالاتحاد! إن التمدن الحديث يحفر تحت قصورنا الشائقة، ولا بد أن تصبح رءوسنا يوما بين الأنقاض إذا لم نوقفه عن متابعة عمله، ولا نستطيع قتل التمدن الحديث إلا بإيجاد تمدن جديد مناقض له، ولا نقدر أن ننشئ هذا التمدن إلا بجمع كلمتنا، إن النجاح المادي الذي امتاز به هذا الجيل الشرير قائم بسلبنا كل خيراتنا، ووضعها بيد الأفراد القليلين، إذن يجب علينا إيقاف هذا النجاح وقتله في طريقه، وذلك لا يتيسر لنا إلا إذا جعلنا جمعياتنا هذه جمعية واحدة يترأسها حيوان واحد، هذه خلاصة كلامي أكررها بعبارة بسيطة حتى لا يحصل سوء تفاهم، نحن ضد القوات الكهربائية، والبخارية، والهواء المضغوط معا.
نحن ضد التمدن الحديث بكل مظاهره.
الحصان يخطب: نحن ضد التمدن الحديث.
نحن ضد الاختراعات الحديثة، والمبادئ الجديدة الخبيثة.
نحن ضد النجاح المادي الذي مد يده إلى ذخائرنا، وسلبنا كل نفيس عندنا، وأنتم تعلمون ما لعدونا من القوة ومنعة الجانب، ولكن لا بد من إبادته، ولذة النصر تزداد كلما ازدادت قوة العدو، ولكن كيف ننتصر بالاتحاد، بالاتحاد، بالاتحاد، بالاتحاد القوة، وبالانقسام الضعف، بالاتحاد التقدم والنجاح، وبالانقسام التقهقر والانحطاط، بالاتحاد المجد والعلى، والانقسام الذل والخمول، بالاتحاد السؤدد والعز والسلطة، وبالانقسام الحقاة والعبودية والهوان، بالاتحاد العمل المفيد، وبالانقسام العطلة المضرة، بالاتحاد الحياة، وبالانقسام الموت، بالاتحاد نبقى سائدين، ونستظهر على العدو، وبالانقسام تفقد سلطتنا، وتضمحل جمعيتنا، وتخلفها شياطين الشر والرذيلة، فاختاروا إذا أحد الأمرين؛ إما أن ننقسم ونموت، وإما أن نتحد ونحيا.
فصرخ الجميع بصوت واحد «الاتحاد والحياة»، «الاتحاد والمحبة»، وأخذوا يلبطون بأرجلهم دلالة الاستحسان والإعجاب بما جاء به ذلك البحر الفهامة من بلاغة المعاني، وفصاحة الكلام، وسداد البرهان، وقوة الحجة، ثم قام البغل وشكر أولا صاحب الدعوة، وأثنى عليه كثيرا، وأبدى شيئا كثيرا من التبجيل والمجاملة، وهما من أهم أدبيات معشر الحيوانات، ثم قال: «ما كنت أحسب أن الحصان المحترم يدعونا إلى إسطبله العامر ليحثنا على الاتحاد، ويندد بالشقاق والعناد، ما كنت أحسب أن هذا الفاضل يبدأ بمشروع شريف كهذا، ويكون أول من ضحى لأجله حقوقه ومصلحته، ما كنت أحسب أن بعد هذا الفراق الطويل (وكانت الدموع تتساقط على وجنتيه، فأخذ منديله، ومسح عينيه، وتابع كلامه بصوت منخفض) الفراق الطويل الذي ولد في قلوبنا الضغينة والبغضاء والقسوة، يقوم حصان فاضل عالم بدعوة جديدة، لربما حسبها البعض شذوذا، ورماها آخرون بباطل الكلام، ولكن سواء عدت شذوذا أو لم تعد فهي أشرف وأجل دعوة يقوم بها الحيوانات بعد أن حل فيهم الانشقاق، ومن منا لا يريد أن يتمتع بالعز الذي حصل عليه أجدادنا وأسلافنا، من منا لا يريد أن يسترد ذاك المجد الغابر الذي مرت عليه دواليب الكهربائية في هذا الجيل، فكادت تحطمه تحطيما، من منا لا يريد أن يدخل هيكل ذاك السلطان العظيم الذي سود وجهه دخان المراكب البخارية.
Bog aan la aqoon