بِمُنَازَلَةِ الْخُصُومِ، وَقَصْدِ الْأَبْوَابِ، وَالتَّخَادُمِ لِلْأَغْتَامِ، مَقْصُورُ الْهِمَّةِ عَلَى حُضُورِ مَجْلِسٍ يَتَوَجَّهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَمَصْرُوفُ الْخَاطِرِ إِلَى خُطْبَةِ عَمَلٍ يَتَقَلَّبُ فِي أَوْسَاخِهِ، مَحْجُوبًا مَرَّةً وَمُسْتَخِفًّا بِهِ أُخْرَى يَرُوحُ مُتَحَسِّرًا عَلَى الْفَائِتِ، وَيَغْدُو مُغْتَاظًا لِحُظْوَةِ مَنْ يُنَاوِئُهُ عِنْدَ مَنْ يَرْتَجِيهِ، وَلَا يَزَالُ فِي كَدِّ التَّصَنُّعِ وَذُلِّ الْخِدْمَةِ، وَحَسَرَاتِ الْفَائِتِ، حَتَّى تَأْتِيهِ مَنِيَّتُهُ، فَتَخْتَطِفُهُ وَتَحُولُ بَيْنَهُ بَيْنَ مَا يُؤَمِّلُهُ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ وَلَوْلَا عِنَايَةُ الطَّالِبِ بِضَبْطِ الشَّرِيعَةِ وَجَمْعِهَا، وَاسْتِنْبَاطِهَا مِنْ مَعَادِنِهَا لَمْ يَتَصَدَّرْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى السَّوَارِي، وَلَا عَقَدَ أَهْلِ الْفُتْيَا مَجَالِسَهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي هِيَ مُبَيِّنَةٌ مِنَ السُّنَنِ الْمَنْقُولَةِ، وَمُسْتَخْرَجَةٌ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةٍ، وَقَدْ قُلْنَا فِي فَضْلِ الدِّرَايَةِ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِالرِّوَايَةِ، مَا أَغْنَى وَكَفَى، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى تَشْقِيقِ الْخُطَبِ، وَالْبَلَاغَةِ فِي الْكَلَامِ، وَمَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ، وَلَوْ كَانَ التَّبَالُغُ فِي الْكَلَامِ دَرَكًا، يَبْلُغُ بِهِ مِنْ رَامٍ أَنْ يَضَعَ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَرْفَعَ مِنْهُ، كَانَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ صَاحِبَ الْمَوَاقِفِ وَالْأَوْصَافِ
1 / 219