فيصير ذلك سبّة علينا. فقال أبوها إنا نخبىء له خبيئة، فإن أخبرنا بها استدللنا على علمه واستفتيناه، وإلا تركناه. فأخذوا حبة حنطة وجعلوها في إجليل «١» فرس، فلما انتهوا إليه أنزلهم وأكرمهم، فقالوا: قد جئناك في أمر وقد خبأنا لك خبيئة نختبرك فانظر ما هو؟
فقال: تمرة في كمرة. فقالوا: نريد أبين من هذا. فقال: حبّة في إجليل مهر. فقالوا:
صدقت أنظر في أمر هؤلاء النسوة فجعل يدنو من إحداهنّ، ويقول: ليست هذه حتى دنا من هند فضربها على كتفها وقال: والله ما أنت بزانية وستلدين ملكا اسمه معاوية. فقام إليها الفاكه وقبّل رأسها فقالت: أبعد عنّي فو الله لأجتهدنّ أن يكون من غيرك هذا الملك، فأبت حتى طلّقها وتزوج بها أبو سفيان.
(١٩) وممّا جاء في تأويل الرؤيا
ما يدلّ على صحّة الرؤيا
قال النبي ﷺ: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوّة.
وروي ذهبت النبوّة فلا نبوّة، وبقيت المبشرات، وقيل: في قول الله تعالى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
«٢» إنها الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له.
وقيل: إذا أراد الله بعبد خيرا عاتبه في النوم. ويدلّ على صحة ذلك ما حكى الله تعالى عن يوسف ﵇ في قوله تعالى: رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ
«٣»، وما حكى عن رؤيا الرجلين ورؤيا الملك.
وقال ﷺ إن في الهواء ملكا موكلا بالرؤيا، فلا يمرّ بأحد خير ولا شرّ إلا أريه في المنام حفظ من حفظ ونسي من نسي.
وقال النبي ﷺ: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثّل بي، وروي أنه ﷺ قال: الرؤيا ثلاثة: رؤيا هي بشرى من الله تعالى، ورؤيا تحذير من الشيطان، ورؤيا يحدّث الإنسان بها نفسه فيراها في المنام.
العارف بتأويل الرؤيا
كان ذلك من علم يوسف ﷺ وقد وصفه الله تعالى في قوله تعالى: وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ
«٤» .