Muxaadarooyin Ku Saabsan Luqadda iyo Suugaanta
المحاضرات في اللغة والأدب
واعلم أن الذريعة هي المدخل إلى الشيء، فإن كان الشيء خيرًا فحقها أن تفتح، وإن كان شرًا فحقها أن تسد، وتقرير هذا المعنى أن المراد السبب المفضي إلى السبب إفضاء عاديًا أو إفضاء عاديًا كليًا أو أكثريًا أو حاليًا بحيث إن من سعى في استحصال الأول هو ساع في استحصال الثاني بالتبع، ثم الإفضاء إما أن يكون ذهنيًا فقط، كما في الفرضيات، أو خارجيًا فقط، كما في الاتفاقيات، أو ذهنيًا خارجيًا، وهو الأكثر، ومتى اعتبر مجرد الربط ولو جزئيًا فالذهنيّ أعم مطلقًا، ثم الطرفان قد يكونان جائزين نحو: لو جاءني زيد أكرمته، وقد يكونان واجبين نحو: لو كان الله تعالى عالمًا كان حيًا أي لكنه عالم فهو حي، وقد يكونان مستحيلين عقلًا نحو: لو وجد شريك لله تعالى لمانَعه على الفعل، وهذان المثالان معًا من قسم ما هو ذهني فقط، لأنه لا تصح السببية الخارجية في شيء من الواجب ولا المستحيل، وقد يكونان مستحيلين عادة نحو: لو وجدت في الأرض جبال من ذهب لاستغنى الناس كلهم في الدنيا، ولو طار زيد إلى السماء لرأى معمور الأرض كله في مرة، ثم الجائزان عقلًا قد يكونان مطلوبين معًا شرعًا، إما وجوبًا أو ندبًا، كفعل الطواف وفعل السعي بعده، وتلاوة القرآن وسجود التلاوة معه، ونحو ذلك، ولا إشكال فيه، وقد يكون الثاني هو المطلوب بالذات، فيستتبع الأول كقتل النفس قصاصًا، فيستتبع ما تزهق به الروح من حز الرقبة ونحوه، وذبح الضحية فيستتبع ما تحصل به الذكاة شرعًا من قطع الحلقوم والأوداج، ويعرف هذا القسم في أصول الفقه بالمقدمة، وعندهم فيه اختلاف مشهور، هنالك، وقد ينعكس " الأمر " فيكون المطلوب شرعًا هو الأول فقط كصلة الرحم المفضية بإذن الله إلى سعة الرزق والبركة في العمر على ما ورد به الوعد الصادق، وكالإسلام المفضي إلى سلامة الدماء والأموال، وكالإخلاص فيه المفضي إلى نور الوجه وانبساط الروح، وهذا القسم داخل فيه العبادات كلها بحسب ما تفضي إليه من الثواب عليها، غير أن ما كان من هذه الثمار دنيويًا كالذي صدرنا به فيجب ألاّ يقصد عند عمل العبادة، وإلاّ فات الإخلاص، وما كان أخرويًا فلا بأس أن يقصد في مقام الإسلام، وقد يكونان منهيين معًا كتزوج الخامسة ووطئها وشراء الخمر وشربها، فيتركان معًا، وقد يكون الأولى مباحًا بذاته شرعيًا، والثاني حرامًا، فيحرم الأول تبعًا إذا اعتبر الإفضاء كبيع السيف من قاطع الطريق مع العلم به وكبناء الدار لتكون ماخورًا أو معصرة خمر، وغير ذلك مما يكثر، وهو داخل في سد الذرائع المتفق عليه، فإن لم يكن الإفضاء معتبرًا، وذلك عند كون الأول مهمًا في نفسه، والثاني غير مقصود لم يمنع، كغرس الأعناب في الدنيا مع أنه يؤدي إلى عصر الخمر وشربها، وكالخروج في ضروريات العيش ودخول الأسواق مع أنه قد يؤدي إلى رؤية أجنبية أو وقوع في خصام أو قتال أو معاملة ممنوعة، فهذا ونحوه من الذرائع التي لا يراعى سدها عند أحد، وقد يتعين شيء من ذلك جزئيًا فيجب أن يعطى حكمًا جزئيًا، وقد يكون الأول حرامًا ويكون الثاني مباحًا في ذاته فيحرم أيضًا إذا اعتبر الإفضاء كما حرم أصله. وذلك كمزاناة الرجل المرأة على أن تسكنه دارها أو تتفق عليه، وكذا العكس إلاّ ما أباحته الضرورة، ويكفي في هذا القسم ترك الأول امتثالًا فيبطل الثاني وقد يكون الأول خلاف الأولى، فإن أفضى فعله إلى مصلحة يضمحل فساده في جنبها أو تركه إلى مفسدة يكون التحرز عنها أهم ارتكب لأجل ذلك لا لذاته، ومن الأول ما صدرنا به هذه الترجمة من فعل القاضي إسماعيل مع النصراني، وكذا فعل المرابط المذكور، وهذا في المعنى " فيه " جلب مصلحة ودرء مفسدة هي الشحناء والبغض وما ينشأ عنه، ففيه فتح الذريعة من وجه، " وسدّها من وجه "، ومن الثاني مسألة الشيخ عز الدين حيث ترخص في القيام لأهل المناصب جبرًا لقلوبهم، وتوقيًا من الشحناء والتدابر والتقاطع المنهي عنه، وفيه الاعتباران أيضًا، فالباب الواحد، وقد يكون الأول مطلوبًا وجوبًا أو ندبًا في ذاته، ولكنه يفضي إلى مفسدة ينهى عن ارتكابها فيترك، وذلك كالخروج لطلب الماء للطهارة المفضي إلى تلف النفس بالسباع، أو المال بالسرقة ونحو ذلك مما لا يأتي عليه الحصر، وتوجيهه أن درء المفسدة أهم من جلب المصلحة، أو الحكم الأول أعني الوجوب أو الندب مقيد بالشرط في أصله، فإذا انتفى انتفى
1 / 89