402

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Tifaftire

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1415 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَأِ وَالْأَوْرَعِ، وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ عَلَى الْأَسَنِّ النَّسِيبِ.
ــ
[مغني المحتاج]
قُرْآنًا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ) فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ قُرْآنًا غَيْرَ الْفَاتِحَةِ (أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَأِ) وَإِنْ حَفِظَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ مَحْصُورًا وَالْحَوَادِثُ فِيهَا لَا تَنْحَصِرُ، وَلِتَقْدِيمِهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ لِلْقُرْآنِ؛ «لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ: أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبْلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ لِتَقَابُلِ الْفَضِيلَتَيْنِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْأَقْرَأَ أَوْلَى. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ»
وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ، فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَا كُنَّا نُجَاوِزُ عَشْرَ آيَاتٍ حَتَّى نَعْرِفَ أَمْرَهَا وَنَهْيَهَا وَأَحْكَامَهَا.
فَإِنْ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ «فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» فَفِيهِ دَلِيلٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَأِ فِي الْخَبَرِ الْأَفْقَهُ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي فِقْهِهِ، فَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمْ بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ، فَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا، بَلْ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ الْأَفْقَهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَنْ دُونَهُ، وَلَا نِزَاعَ فِيهِ كَمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ (الْأَوْرَعِ) أَيْ الْأَكْثَرِ وَرَعًا لِلتَّعْلِيلِ السَّابِقِ. وَالْوَرَعُ فَسَّرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَالْعِفَّةِ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّهُ «سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ الْوَرِعِ. قَالَ: الَّذِي يَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ» وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ الْأَوْرَعُ عَلَى الْأَفْقَهِ إذْ مَقْصُودُ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ وَرَجَاءُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَالْأَوْرَعُ أَقْرَبُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] [الْحُجُرَاتِ] وَفِي الْحَدِيثِ «مِلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ» . وَأَمَّا مَا يُخَافُ مِنْ حُدُوثِهِ فِي الصَّلَاةِ فَأَمْرٌ نَادِرٌ فَلَا يُفَوِّتُ الْمُحَقَّقَ لِلْمُتَوَهِّمِ. وَأَمَّا الزُّهْدُ فَهُوَ تَرْكُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَهُوَ أَعْلَى مِنْ الْوَرَعِ، إذْ هُوَ فِي الْحَلَالِ وَالْوَرَعُ فِي الشُّبْهَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الْمُرَجِّحَاتِ، وَاعْتِبَارُهُ ظَاهِرٌ حَتَّى إذَا اشْتَرَكَا فِي الْوَرَعِ، وَامْتَازَ أَحَدُهُمَا بِالزُّهْدِ قَدَّمْنَاهُ اهـ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعْرِفَةُ الْمُقَدَّمِ مِنْ الْأَقْرَأِ وَالْأَوْرَعِ، وَحُكْمُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَأِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ (وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ عَلَى الْأَسَنِّ النَّسِيبِ) فَعَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفِقْهَ وَالْقِرَاءَةَ مُخْتَصَّانِ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنْ شُرُوطِهَا، وَالْفِقْهُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا، وَبَاقِي الصِّفَاتِ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ، وَيُقَدَّمُ الْأَوْرَعُ أَيْضًا عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْأَفْقَهُ أَوْ الْأَقْرَأُ أَوْ الْأَوْرَعُ صَبِيًّا أَوْ مُسَافِرًا قَاصِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ وَلَدَ زِنًا أَوْ

1 / 486