Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Tifaftire
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1415 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fiqiga Shaaficiga
وَعَطَنِ الْإِبِلِ وَالْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[مغني المحتاج]
دُخُولُهَا (وَ) فِي (عَطَنِ الْإِبِلِ) وَلَوْ طَاهِرًا وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ سِيقَتْ مِنْهُ إلَى الْمَرْعَى لِقَوْلِهِ ﷺ «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ» (١) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِنِفَارِهَا الْمُشَوِّشِ لِلْخُشُوعِ، وَالْمَرَابِضُ الْمَرَاقِدُ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِأَنَّ خَوْفَ نِفَارِ الْإِبِلِ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ بِخِلَافِ الْغَنَمِ، وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْعَطَنِ، بَلْ مَأْوَاهَا وَمَقِيلُهَا وَمَبَارِكُهَا، بَلْ مَوَاضِعُهَا كُلُّهَا كَذَلِكَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْكَرَاهَةُ فِي الْعَطَنِ أَشَدُّ مِنْ مَأْوَاهَا؛ لِأَنَّ نِفَارَهَا فِي الْعَطَنِ أَكْثَرُ لِازْدِحَامِهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَمَاكِنَ الْمَوَاشِي مُطْلَقًا إنَّ تَنَجَّسَتْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِيهَا بِلَا حَائِلٍ، وَتَصِحُّ بِالْحَائِلِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي مَوْضِع الْغَنَمِ وَنَحْوهَا لِمُحَاذَاةِ النَّجَاسَةِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَوْضِعِ الْإِبِلِ لِذَلِكَ وَلِمَا مَرَّ (وَ) فِي (الْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ (الطَّاهِرَةِ) وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُنْبَشْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) «لِنَهْيِهِ ﷺ عَنْ الصَّلَاةِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فِي الْمَزْبَلَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ، وَفَوْقَ بَيْتِ اللَّهِ الْعَتِيقِ» (٢) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلِنَجَاسَةِ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ، وَإِنَّمَا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ فَوْقَ الْبَيْتِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ.
أَمَّا الْمَنْبُوشَةُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا بِغَيْرِ حَائِلٍ وَمَعَهُ تُكْرَهُ، وَاسْتَثْنَى كَمَا فِي التَّوْشِيحِ لِابْنِ السُّبْكِيّ مَقَابِرَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَيْ إذَا كَانَتْ أَرْضًا لَيْسَ فِيهَا مَدْفُونٌ إلَّا نَبِيٌّ أَوْ أَنْبِيَاءٌ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ، وَإِنَّمَا هُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنْ تَكُونَ مَقَابِرُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ ابْنِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَجْوِيزَ الصَّلَاةِ فِي مَقْبَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ ذَرِيعَةٌ إلَى اتِّخَاذِهَا مَسْجِدًا، وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِ مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ، وَسَدُّ الذَّرَائِعِ مَطْلُوبٌ اهـ.
وَلَيْسَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ بِظَاهِرٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، كَالْخَمَّارَةِ وَمَوْضِعِ الْمَكْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي الْفَاحِشَةِ، وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ ﷺ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ - تَبَعًا لِلْإِمَامِ - وَالْغَزَالِيِّ الْكَرَاهَةَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مُطْلَقًا وَعَلَّلُوهُ بِاحْتِمَالِ السَّيْلِ الْمُذْهِبِ لِلْخُشُوعِ، وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» (٣) نَعَمْ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ قَبْرِهِ ﷺ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
1 / 425