Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Baare
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1415 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fiqiga Shaaficiga
قُلْتُ: يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِع سُجُودِهِ.
وَقِيلَ: يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ، وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا.
وَالْخُشُوعُ
وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ
ــ
[مغني المحتاج]
(قُلْتُ: يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ) أَيْ: الْمُصَلِّي (إلَى مَوْضِع سُجُودِهِ) فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ جَمْعَ النَّظَرِ فِي مَوْضِعٍ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، وَمَوْضِعُ سُجُودِهِ أَشْرَفُ وَأَسْهَلُ، وَخَرَجَ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ الْمُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ فَيَنْظُرُ إلَيْهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ النَّظَرِ إلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ حَالَةَ التَّشَهُّدِ فَإِنَّ السُّنَّةَ إذَا رَفَعَ مُسَبِّحَتَهُ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَعَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَنْظُرُ إلَى الْكَعْبَةِ، لَكِنْ صَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ اسْتِحْبَابَ نَظَرِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ نَظَرَ إلَيْهِ، وَقِيلَ: يَنْظُرُ فِي الْقِيَامِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَفِي الرُّكُوعِ إلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَفِي السُّجُودِ إلَى أَنْفِهِ، وَفِي الْقُعُودِ إلَى حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ امْتِدَادَ الْبَصَرِ يُلْهِي فَإِذَا قُصِرَ كَانَ أَوْلَى، وَبِهَذَا جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي.
(وَقِيلَ: يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا تَبَعًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَدْ وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ (وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ) عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمُخْتَارِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) مِنْهُ (ضَرَرًا) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كُرِهَ.
قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ:، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَمُ ذَلِكَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ خُشُوعَهُ أَوْ حُضُورَ قَلْبِهِ مَعَ رَبِّهِ فَالتَّغْمِيضُ أَوْلَى مِنْ الْفَتْحِ.
(وَ) يُسَنُّ (الْخُشُوعُ) فَيَتَّصِفُ بِهِ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَيَسْتَحْضِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ يُنَاجِيهِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَلَا يَقْبَلَهَا.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٢] [الْمُؤْمِنُونَ] فَسَّرَهُ عَلِيٌّ ﵁ بِلِينِ الْقَلْبِ وَكَفِّ الْجَوَارِحِ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِوَجْهِهِ وَقَلْبِهِ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: إنَّهُ شَرْطٌ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَوْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ أَوْ طَرَفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ.
(وَ) يُسَنُّ (تَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ) أَيْ: تَأَمُّلِهَا؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْخُشُوعِ وَالْأَدَبِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤] [مُحَمَّدٌ]، وَيُسَنُّ تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ التَّأَنِّي فِيهَا، بَلْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَالْإِسْرَاعُ فِي الْقِرَاءَةِ.
وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ، أَوْ بِآيَةِ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهُ، أَوْ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ أَنْ يُسَبِّحَ، أَوْ بِآيَةِ مَثَلٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ، وَإِذَا قَرَأَ ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: ٨] [التِّينُ] قَالَ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَإِذَا قَرَأَ ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٥] [الْمُرْسَلَاتِ] قَالَ آمَنْتُ بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَرَأَ: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠]
1 / 390