271

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Baare

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1415 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَتَشْدِيدَاتِهَا فَائِدَةٌ: مَا أُثْبِتَ فِي الْمُصْحَفِ الْآنَ مِنْ أَسْمَاءِ السُّوَرِ وَالْأَعْشَارُ شَيْءٌ ابْتَدَعَهُ الْحَجَّاجُ فِي زَمَنِهِ.
وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
كَمَا يَكْفِي فِي كُلِّ ظَنِّيٍّ، وَأَيْضًا إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فِي مَعْنَى التَّوَاتُرِ، وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ التَّوَاتُرُ عِنْدَ قَوْمٍ دُونَ آخَرِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا، أُجِيبَ بِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا، وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ، وَهِيَ آيَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ قَطْعًا، وَكَذَا فِيمَا عَدَا بَرَاءَةً مِنْ بَاقِي السُّوَرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي قَوْلٍ إنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَصِلَهَا بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَنْ يَجْهَرَ بِهَا حَيْثُ يَشْرَعُ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ.
(وَتَشْدِيدَاتُهَا) مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ لِحُرُوفِهَا الْمُشَدَّدَةِ وَوُجُوبُهَا شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا فَالْحُكْمُ عَلَى التَّشْدِيدِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ رِعَايَةُ تَشْدِيدَاتِهَا، فَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى، وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْبَسْمَلَةِ فَلَوْ خَفَّفَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً بَطَلَتْ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ، بَلْ قَالَ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ: لَوْ تَرَكَ الشَّدَّةَ مِنْ قَوْلِهِ إيَّاكَ مُتَعَمِّدًا وَعَرَفَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ؛ لِأَنَّ الْإِيَا ضَوْءُ الشَّمْسِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعْبُدُ ضَوْءَ الشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ شَدَّدَ الْمُخَفَّفَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
(وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا) مِنْهَا: أَيْ أَتَى بَدَلَهَا (بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ) قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ وَاخْتِلَافِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الضَّادَ مِنْ الضَّلَالِ وَالظَّاءَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا ظَلُولًا إذَا فَعَلَهُ نَهَارًا وَقِيَاسًا عَلَى بَاقِي الْحُرُوفِ، وَالثَّانِي: تَصِحُّ لِعُسْرِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَالْخِلَافُ مَخْصُوصٌ بِقَادِرٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ عَاجِزٍ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ فَلَمْ يَتَعَلَّمْ.
أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ التَّعَلُّمِ فَتُجْزِئُهُ قَطْعًا وَهُوَ أُمِّيٌّ، وَالْقَادِرُ الْمُتَعَمِّدُ لَا تُجْزِئُهُ قَطْعًا وَلَوْ أَبْدَلَ الضَّادَ بِغَيْرِ الظَّاءِ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَبْدَلَ ذَالَ الَّذِينَ الْمُعْجَمَةَ بِالْمُهْمَلَةِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا اقْتَضَى إطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمَ بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعْهُ، وَلَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا يَنْطِقُ بِهَا الْعَرَبُ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ نَظَرٌ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ أَبْدَلَ ظَاءً بِضَادٍ، إذْ الْبَاءُ مَعَ الْإِبْدَالِ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْرُوكِ لَا عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ﴾ [البقرة: ١٠٨] [الْبَقَرَةُ] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ﴾ [سبأ: ١٦] [سَبَأُ] .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي التَّبْدِيلِ وَالْإِبْدَالِ إذَا اقْتَصَرَ فِيهِمَا عَلَى الْمُتَقَابِلَيْنِ وَدَخَلَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ لَا عَلَى الْمَتْرُوكِ، فَقَدْ نَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ بَدَّلْتُ الْخَاتَمَ بِالْحَلَقَةِ إذَا أَذَبْتُهُ وَسَوَّيْتُهُ حَلَقَةً، وَبَدَّلْت الْحَلَقَةَ بِالْخَاتَمِ إذَا أَذَبْتُهَا وَجَعَلْتُهَا خَاتَمًا، وَأَبْدَلْتُ الْخَاتَمَ بِالْحَلَقَةِ إذَا نَحَّيْتُ هَذَا وَجَعَلْتُ هَذِهِ مَكَانَهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ بَعْضَ ذَلِكَ عَنْ الْوَاحِدِيِّ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ الْفَرَّاءِ، وَرَأَيْتُ فِي شِعْرِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ: [الْوَافِرُ]
فَأَلْهَمَنِي هُدَايَ اللَّهُ عَنْهُ ... وَبَدَّلَ طَالِعِي نَحْسِي بِسَعْدِي

1 / 355