Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Baare
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1415 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fiqiga Shaaficiga
وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِبَلَدٍ حَارٍّ، وَجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ أَقْوَى دَلِيلًا اهـ. .
قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي تَأْخِيرِهَا إلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِتَكُونَ وَسَطَ اللَّيْلِ بِإِزَاءِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي وَسَطِ النَّهَارِ، وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّعْجِيلِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ ﷺ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ فَحَيْثُ قِيلَ التَّعْجِيلُ أَفْضَلُ أُرِيدَ مَا إذَا خَافَ النَّوْمَ وَحَيْثُ قِيلَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ أُرِيدَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ. .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّعْجِيلِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ) أَيْ بِصَلَاتِهِ: أَيْ تَأْخِيرُ فِعْلِهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» (١) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا وَانْتِشَارِ لَهِيبِهَا، أَجَارَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا. وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ التَّعْجِيلَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةٌ تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ، فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ يَتُوقُ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخَبَثُ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَنْسُوخٌ وَلَا تُؤَخَّرُ عَنْ نِصْفِ الْوَقْتِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الْأَذَانُ، وَبِالظُّهْرِ غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ جُمُعَةً فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْإِبْرَادُ. أَمَّا غَيْرُ الْجُمُعَةِ فَلِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ»، وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ، وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ.
فَإِنْ قِيلَ: وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُبْرِدُ بِهَا» . .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الظُّهْرِ فَتَعَارَضَتْ الرِّوَايَتَانِ، فَيُعْمَلُ بِخَبَرِ سَلَمَةَ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ (وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ) أَيْ الْإِبْرَادِ (بِبَلَدٍ حَارٍّ) قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ كَالْحِجَازِ وَبَعْضِ الْعِرَاقِ (وَجَمَاعَةٍ) نَحْوَ (مَسْجِدٍ) كَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ (يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ) وَيَمْشُونَ إلَيْهِ فِي الشَّمْسِ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلَوْ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَلَا فِي قُطْرٍ مُعْتَدِلٍ أَوْ بَارِدٍ، وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ، نَعَمْ الْإِمَامُ الْحَاضِرُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَقْصِدُهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ بُعْدٍ يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ اقْتِدَاءً بِهِ ﷺ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ، وَضَابِطُ الْبُعْدِ مَا يَتَأَثَّرُ قَاصِدُهُ بِالشَّمْسِ، وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ، فَيُسَنُّ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمُصَلًّى بَدَلَ مَسْجِدٍ لَشَمِلَ مَا قَدَّرْتُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَسْجِدِ مَوْضِعُ الِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ فَيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرَ وَقْتِ الْأُولَى، وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةَ أَوْ الْجَمَاعَةَ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ، وَلِمَنْ
1 / 306