Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

Al-Khatib Al-Sharbini d. 977 AH
18

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Baare

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1415 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

، وَهُوَ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ، عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ، مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ، وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ ﵀ أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ ــ [مغني المحتاج] الْكُرُومَ. وَحُكِيَ أَنَّ شَجَرَةً أَضَاءَتْ لَهُ لَمَّا فَقَدَ وَقْتَ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ. وَمِنْ أَشْعَارِهِ ﵁ وَرَحِمَهُ وَعَفَا عَنْهُ: الطَّوِيلُ أَقِيمَا عَلَى بَابِ الْكَرِيمِ أَقِيمَا ... وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِهِ فَتَهِيمَا هُوَ الرَّبُّ مَنْ يَقْرَعْ عَلَى الصِّدْقِ بَابَهُ ... يَجِدْهُ رَءُوفًا بِالْعِبَادِ رَحِيمَا فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبِيرُ مَدْحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَمَعَ تَحْقِيقَهُ: وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَهُوَ جَمْعٌ وَسَلَامَةٌ وَهُوَ لِلْقِلَّةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَلَوْ أَتَى بِجَمْعِ كَثْرَةٍ لَكَانَ أَنْسَبَ. وَأُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَعْدَادِ مِنْ أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ. فَائِدَةٌ: مِنْ كَلَامِ سَيِّدِي أَبِي الْمَوَاهِبِ يُعْرَفُ مِنْهَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّحْقِيقِ وَالتَّدْقِيقِ. قَالَ: إثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا تَحْقِيقٌ، وَإِثْبَاتُهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ تَدْقِيقٌ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا بِفَائِقِ الْعِبَارَةِ الْحُلْوَةِ تَرْقِيقٌ، وَبِمُرَاعَاةِ عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْبَدِيعِ فِي تَرْكِيبِهَا تَنْمِيقٌ، وَالسَّلَامَةُ فِيهَا مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْعِ تَوْفِيقٌ (وَهُوَ) أَيْ: الْمُحَرَّرُ (كَثِيرُ الْفَوَائِدِ) جَمْعُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ، وَحَقَّ لَهُ أَنْ يَصِفَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ بَحْرٌ لَا يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَلَا يُنْزَفُ غَمْرُهُ (عُمْدَةٌ) أَيْ: يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ (فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الْمَسَائِلِ مَجَازًا عَنْ مَكَانِ الذَّهَابِ (مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي) أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالْمُفْتِي وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ وَمُوَضِّحُ الدَّلَالَةِ، وَالْمُبَيِّنُ بِجَوَابِهِ حَرَامَ الشَّرْعِ وَحَلَالَهُ، وَيَكْفِيهِ هَذَا الْوَصْفُ تَعْظِيمًا لَهُ وَجَلَالَةً (وَغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُفْتِي مِمَّنْ يُصَنِّفُ أَوْ يَدْرُسُ (مِنْ أُولِي) أَيْ: أَصْحَابِ (الرَّغَبَاتِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠] تَقُولُ: رَغِبْتُ عَنْ الشَّيْءِ تَرَكْتُهُ، وَرَغِبْتُ فِيهِ أَرَدْتُهُ، وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَلِيلٌ عَلَى إنْصَافِهِ فِي الْعِلْمِ. قَالَ ﷺ: «إنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ ذَوُو الْفَضْلِ» . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ وَآدَابِهِ الْإِنْصَافُ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَا فِي زَمَانِنَا أَقَلُّ مِنْ الْإِنْصَافِ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: هَذَا فِي زَمَانِ مَالِكٍ فَكَيْفَ بِهَذَا الزَّمَانِ: أَيْ: وَمَا بَعْدَهُ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ كُلُّ هَالِكٍ (وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ ﵀ أَنْ يَنُصَّ) فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ (عَلَى مَا صَحَّحَهُ) فِيهَا (مُعْظَمُ) أَيْ أَكْثَرُ (الْأَصْحَابِ) لِأَنَّ نَقْلَ الْمَذْهَبِ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ فَيُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ: قَالَهُ تِلْمِيذُ الْمُصَنِّفِ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَلَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ

1 / 102